المقالات

مصر ... الدرس البليغ


جواد العطار

المراقب والمتتبع لاحداث ثورة 25 يناير ( كانون الثاني ) 2011 في مصر ، سيلاحظ بشكل لا يقبل الشك معادلة ظالمة ومجحفة قادها النظام في مواجهة المتظاهرين وصلابة مطالبهم المشروعة في ميدان التحرير وسط القاهرة وعلى مدى ثمانية عشرة يوما تواصل ليلها بنهارها بمؤامرات لم تتوقف بدءا من خطاب اقالة الحكومة مرورا بتخويل صلاحيات الرئيس الى نائبه وصولا الى التنحي ونقل السلطة الى الجيش دون غيره من المؤسسات الدستورية ، ناهيك عن المؤامرات غير المعلنة التي تمثلت في منع وصول المواد الانسانية والطبية الضرورية للمتظاهرين ومحاولة ارهابهم تارة بالقوة المفرطة وقطعات الامن المركزي وفلول المرتزقة الذين هاجموهم دون رحمة ، وبسحب الشرطة وفتح السجون والقيام باعمال سلب ونهب غايتها سحب المتجمهرين والاساءة الى مطالبهم ومواقفهم تارة اخرى . وان كان النظام قد فشل ، في مساعيه الرامية الى اجهاض المطالب وتفريق التظاهرات وهو يقدم التنازلات تلو التنازلات دون فائدة او جدوى خصوصا بعد ان ركب المتظاهرين دون هوادة ( أعجاز الإبل ... وإن طال السُرى ) كما جاء عن الامام علي ( ع ) في نهج البلاغة ، فأن المدهش في الامر ان النظام كان يعلن طوال الاسبوعين الماضيين انه يستجيب لمطالب سقفها يعلو مرة بعد اخرى ، الا ان ما يؤشر على سياسته اثناء الازمة ، الآتي :1. انه لم يستجب حقيقة الى مطالب المتظاهرين التي كانت تدعو منذ البداية لرحيل رأس النظام دون غيره ، لذا فقد كانت مناورات النظام مكشوفة ولم تشكل ارضاءا او قبولا لدى المتظاهرين ، لانها كانت في وادي والشعب في وادي آخر .2. انه تعامل مع المطالب الشعبية من باب تقديم التنازل عن الحقوق ، بينما الحق كل الحق هو للشعب دون سواه ، وما يقدمه الحاكم المستبد الممسك بكل السلطات من خطوات تجاه الشعب انما هو من باب ارجاع الحقوق الى اهلها وليس التنازل عنها ... كما هو شائع ويتداول خطأ .ان الدرس البليغ الذي افرزته الثورة المصرية فيه عبرة لغيرها ، يؤكد ان العلاقة بين السلطة والشعب تشكل معادلة تبادلية لا يمكن ان يستغني احد طرفاها عن الآخر قاعدتها الشعب وهرمها السلطة وممثلها النظام . فالشعب يمنح الشرعية والنظام يعمل على اساسها ويديم التواصل مع قاعدته يستجيب لها ولميولها ومطالبها ويعمل لخدمتها ليجدد شرعيته واسباب استمراره ووجوده . الا ان النظام المصري فقد شرعيته وسقط تحت ضغوط شعبية لم تشهد لها مصر مثيلا منذ نصف قرن ، لسبب بسيط انه حرم شعبه من ممارسة حقوقه السياسية وسط اجواء من الفساد والفقر والبطالة . ولو عكسنا الصورة على العراق سنجد ان الشعب يتمتع بكامل حقوقه السياسية لكنه لا يتمتع بابسط حقوقه الطبيعية من الخدمات الاساسية والمواد الغذائية وفرص العمل وسط اجواء فساد اكثر سوءا من مثيلتها المصرية ، فماذا تنتظر الحكومة في العراق من جماهيرها ؟ ، هل ستستجيب لها وتطمئن سريرتها ؟ ام ستترك الامور حتى تحين لحظة اللاعودة لا سامح الله ، ويبدأ سقف المطالب بالارتفاع والتحول من مجرد مطالب طبيعية قابلة للتحقيق الى سياسية غير قابلة للتطبيق ... الى ما هو اكبر ... وحينها لن تنفع ساعة مندم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك