المقالات

عدوة أنفلونزا تونس قادمة من الانتفاضة الشعبانية

2802 12:21:00 2011-01-29

محمد الزيادي

بعد أن تم إخماد الانتفاضة الشعبانية في عام 1991 وتم السيطرة على 14 محافظة منتفضة ، عن طريق زرع الأرض مقابر جماعية وحجب السماء بالدخان المتصاعد من القصف الكثيف والعشوائي وملئ السجون بالأطفال والنساء ..في تلك الفترة كنت متابعا جيدا للأخبار الراديوية آنذاك ..ما ثار إعجابي كان الصمت العربي الأخرق متوافقا تماما مع الصمت العالمي حيث ضمير الإنسانية غاب لأسباب لايعلمها إلا الله والراسخون بالعلم وبعض الحكام "الخونة" ..وما أتذكره كيف أني شاهدت بأم عيني المروحيات العسكرية العراقية تقصف البيوت الآمنة تحت حماية الطائرات المتحالفة لتحرير "الكويت" !!! . والكل يعلم عن الصفقات التي أبرمت آنذاك من اجل بقاء صدام بسدة الحكم ..ما يهمني انه اذكر أن صدام تذرع إن الحكم من بعدي سيكون حكم إسلامي وهذا نذير شؤم لحكام المنطقة العربية مما منح الذريعة الكاملة للحكام العرب وللعالم الغربي بالوقوف مع "الجلاد" خوفا من انتشار هذه الظاهر كالنار بالهشيم بالمنطقة لذا كممت الأفواه وجرى تعتيم تام على الأهداف والأسباب لهذه الانتفاضة العارمة ، بل على العكس عملوا على تشويها بكل ما أوتوا من إمكانيات "شيطانية " ... لكن لم يكن احد منهم يعلم أن الشعوب لاتموت وسوف يأتي يوما يظهر الحق ناصعا كالبياض ، وتجسدت هذه الصورة جليا ليس بعد سقوط "صنم بغداد" حيث كان لايزال التشويه والتشويش على الفكر العربي مستمر بالرغم من النتائج الكبيرة التي حققها العراقيين من حرية التعبير ..وحرية ممارسة الطقوس وحرية اختيار قادتهم ..والكثير الكثير من الانجازات التي لم يخفها "غربال عربي اخرق" لأنها ببساطة كانت واضحة جلية كرابعة النهار ...لكن قد اتضحت الصورة الكاملة للانتفاضة الشعبانية بعد انتفاضة الزيت في تونس والتي فجرها المواطن التونسي المغلوب على أمره " محمد أبو عزيزي" عندما أقدم على حرق نفسه وعلى عربة الخضار خاصته بعدما رفضت السلطات التونسية إرجاعها له بالرغم من محاولته مرارا وتكرار بشرح حالته وظرفه الاجتماعي الخاص.... إن هذه الحادثة أثارت حفيظة الشعوب وحدثت الانتفاضة التونسية التي ما لبثت حتى أسقطت دكتاتور عربي أخر، ما تميز به هذا الدكتاتور انه كان دكتاتور (مهذب) حيث تنحى عن الحكم وحقن دماء شعب كامل قد تراق جراء بقائه ، كما أراقها الدكتاتور "صدام" في الانتفاضة الشعبانية .. لكن ما لم يستطيع حقنه زين العابدين بن علي هو عدوة هذه الانتفاضة التي بدأت تسير بين الشعوب في ليلة وضحاها ..وما يحدث في مصر واليمن والأردن من انتفاضات وصرخات بوجه الحكام الجاثمين على قلوب شعوبها عقودا طوال.. أن الانتفاضة الشعبانية في عام 1991 بالرغم من إخمادها والسيطرة عليها آنذاك إلا أنها أتت أكلها بعد حين .. خصوصا ونحن نعلم أنها خلقت توحد منقطع النظير للمعارضة حين ذاك لذا كانت بمثابة المعول الذي يخرم بقارب الدكتاتورية حتى أغرقه تماما ..وليس هذا فقط بل مايحدث اليوم في تونس ومصر جاء أفضل رد للمشككين بجدوى "الانتفاضة الشعبانية 1991 " وكشفت أحداث تونس ومصر ان من الحق الشعوب أن تنتفض وتستطيع أن تغير الحكم نحو الأفضل لكن بشرط أن لاتشوش الأفكار ولاتشوه النوايا من قبل أعداء التغير ..ما أود أن اختصره هو إن ما تشهده المنطقة العربية من صحوة ونضج سياسي وحركات تغير جادة من خلال الانتفاضات الحاصلة للشعوب ضد حكوماته ومن خلال مطالب الجماهير بتنحي الحكام ان كل هذا الوعي الفكري والسياسي المشهود اليوم من الشعوب، كان الشعب العراقي قد سبقهم منذ عشرون عام وبالتحديد بالانتفاضة الشعبانية 1991 .. حيث وصل الشعب العراقي لذلك النضج والبلوغ السياسي والفكري والتحرري وقاد اكبر وأعظم انتفاضة وثورة ضد اعتى دكتاتوريات العصور غير مبالين إن ملئ الأرض بهم قبورا أو عجت بنسائهم وأطفالهم السجونا ، وان من يعطي الذريعة لانتفاضة تونس وعدوتها بالشعوب العربية في مصر واليمن والأردن وموريتانيا لابد أن يقف مع نفسه وقفة رجولة وشجاعة لكي يعطي نفس الذريعة للعراقيين في الانتفاضة الشعبانية وعليه أن يعتذر للشعب العراقي اجمع لأنه لم يحسن الضن به أو على الأقل لم يكترث لانتفاضته التي لاتقل أهمية وقوة وتضحية من انتفاضة تونس ومصر واليمن وغيرها ..وعليه أن يعلم أن عدوة أنفلونزا تونس جاءت من الانتفاضة الشعبانية بالعراق وان بعدت المسافة وتغير الزمن ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابوسجاد
2011-01-30
كنت اتذكر دائما كيف كانت تلك الثورة العارمة ضد الظلم والظالمين وكيف كان حال البعثية اعوان الشيطان وكذلك كنت اقول هل لايوجد على هذه الارض سوانا نحن في العراق لانه ارتكبت المجازر من قبل الطاغية وازلامه ولم نسمع صوت واحد لامة العرب هل كانت نائمة ام ماذا انها الطائفية المقيتة لعنة الله على صدام وعلى كل البعثية وعلى كل الطائفيين في الارض والعزة والفخر لشهداء الانتفاضة الشعبانية المباركة
موقع 12 إمام الولائي
2011-01-30
عن عقبة بن أبي العيزار: إن الحسين خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله". إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر ...
الدكتور شريف العراقي
2011-01-30
اليس انتشار ثوار الانتفاضة الشعبانية او ما يسمون باهل رفحة في كافة انحاء العالم بمعجزة كما حصل لسادة آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟
سلام الحلفي
2011-01-29
احيك اخي الكريم كاتب المقال ..وعاشت الايادي على هذا الربط الواقعي والتاريخي بين ما يحدث اليوم بالدول العربية وبين الانتفاضة الشعبانية ..المضلومة ..والتي لم تنصف حتى من ايادي قادتها ..صحيح ان الانتفاضة لم نقطف ثمارها في حينها والسبب كما ذكرت جنابك الكريم خوفا من انتشار نظام حكم يقلق الاخوة الاعداء العرب ..لذا جائت المؤامرات ضد هذه الانتفاضة وضد صداها الا ان شاء الله ان يظهر الحق في بلدانهم ولكن بعد حريق البصرة كما يقال
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك