هشام حيدر
سقط صنم ساحة الفردوس وتنفست الناصرية فيمن تنفسوا نسمة من نسمات الحرية نادرة المرور في العراق عبر تاريخه الطويل!قد تذكر بعض المحافظات ان الكهرباء لم تكن تنقطع عنها ولاساعة واحدة في اليوم زمن الطاغية , اما الناصرية فانها تذكر ان ابنائها كانوا قد عمروا محطة الطاقة الحرارية فيها واعادوها للحياة بعد قرار امريكا اعادة العراق الى ماقبل الثورة الصناعية عام 1991 ومع ذلك فان حصة الناصرية لم تتجاوز العشر ساعات يوميا !بعيد وقف العمليات الحربية الامريكية واكمال احتلال العراق واعادة المحطة الحرارية في الناصرية للعمل ,وللاعطال والانقطاعات في الشبكة الوطنية فقد تنعمت الناصرية ولاول مرة منذ 13 عاما بالكهرباء لاربع وعشرين ساعة في اليوم حتى باع اصحاب المولدات الاهلية مولداتهم لتوقفها عن العمل بسبب انسحاب المشتركين !بعد تولي بريمر مقاليد الامور في العراق فوجىء ابناء الناصرية ومسؤوليها انذاك بطلب بريمر شمول الناصرية بالقطع المبرمج !!وكان مبرر بريمر انذاك هو ان صدام( كان قد خلق حالة من اللامساوة بين ابناء المحافظات العراقية ويجب ان لاتتكرر هذه الحالة من جديد )!!معنى طلب بريمر هذا كان اطفاء المحطة الحرارية في الناصرية ثم تشغيلها لان الناصرية لم تكن قد ربطت بعد بالشبكة الوطنية وكان لديها فائض في التوليد اصلا لكن لايمكن تغذية محافظات اخرى به بسبب الظروف انذاك عليه يعد طلب بريمر هذا سخف لامبرر له !ثم اليس من الغريب ان يفكر بريمر بمثل هذه الجزئية ؟ كما يحق لنا ان نتسائل كيف وصلت لبريمر مثل هذه التفاصيل وهو المنشغل بامور فائقة الدقة والحساسية انذاك حيث كان العراق محط انظار الاسرة الدولية باكملها فكيف يقبل ان تصل له مثل هذه التفاصيل ثم يهتم بها مع عدم ترتب اية فائدة عملية عليها اللهم الا الضرر اللامبرر لابناء الناصرية ؟؟!!اللهم الا ان كانت هناك غايات اخرى !رفض المجلس البلدي للناصرية في حينه هذا الطلب وسيرت مظاهرات غاضبة لاصرار بريمر على الموضوع حتى رضخ وترك الامر الى ان تسلم علاوي مقاليد الامور واذا به يقدم في اول يوم له على تنفيذ قرار بريمر اياه ويشمل الناصرية بالقطع (المبرمج) فكانت الكهرباء تقطع لاكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا رغم ان البيوت كانت خالية من اجهزة التكييف وتقتصر على المبردات !وكانت عملية القطع مفاجئة وفي فصل الصيف وحيث خلت الناصرية من المولدات الاهلية لبيعها لمحافظات اخرى خلال الفترة الماضية الامر الذي احدث اضطرابات كثيرة وتسيير تظاهرات حاشدة واذكر ان التلفزيون المحلي انذاك بث جانبا من جلسة المجلس البلدي حول الموضوع وكان الاعضاء من حركة الوفاق التابعة لعلاوي يتكلمون بشماتة ( مو كلنالكم بوقتهه يابه اسمعوا الكلام ونفذوا انتو ماسمعتوا)!يومها كانوا يتصرفون كاسياد للعراق الجديد ورفضوا مناقشة قضية استيلائهم على مقر نقابة المهندسين واتخاذه مقرا لحركتهم ورفضوا المثول امام القضاء للنظر في الدعوى التي اقامتها النقابة ضدهم !وجائت الانتخابات اللاحقة وازيح علاوي وحركة الوفاق وتحسن حال الكهرباء في الناصرية رغم انه لم يعد لسابق حاله الذي تلا سقوط الصنم الا هناك ثوابت حفظها الجميع في هذا المجال كاستقرار الكهرباء نهاية الصيف ومع حلول الخريف والشتاء مثلا او ان الوضع يكون خلال الليل افضل منه في النهار لاسيما فترة الظهيرة الحرجة ويتفهم الناس استهلاك اجهزة التبريد العالي خلال الصيف وساعات الذروة وتدني الاستهلاك اثناء الليل وقبل وبعد الصيف وباتت هذه المفاهيم من البديهيات !تربع على عرش الكهرباء وزير قيل انه مهني..وتكنوقراط...ومستقل لاينتمي لاي حزب ومن كوادر الكهرباء زمن النظام البعثي ولم يات على ظهر الدبابة الامريكية وهو حليق الذقن وحتى الشارب .....اذن لم يكن اسلاميا بالمعنى المتعارف عليه !خصصت لوزارة الكهرباء خلال مرحلة مابعد البعث اكثر من 30مليار دولار امريكي حتى نهاية 2010 كموازنة استثمارية وتشغيلية ومن ضمن المبلغ المشار اليه مبلغ القرض الامريكي لقطاع الكهرباء البالغ اربعة مليار دولار ....معظم هذا المبلغ وضع تحت تصرف كريم وحيد باعتبار انه اشرف على انفاق معظم الموزنات !ورغم ان هذا المبلغ يعادل اضعاف موازنات بعض الدول كسوريا (6مليار) والاردن (8مليار)...الا ان الوزارة لم تقدم شيئا سوى الوعود والتواريخ الوهمية واتهام أي وزير لمن سبقه بالفساد !ورغم نفي الحكومة والوزير وحيد لكل الاتهامات ورغم وصف كريم وحيد بانه انزه واكفأ وزير الا ان من اعقب وحيد قال انه وجد فسادا في الوزارة يتطلب تشكيل لجان للتحقيق فيه, لــكم, ونوع الفساد المستشري في الوزارة ....ورغم تبادل الاتهامات بين وزيري النفط والكهرباء بالتقصير وتحمل المسؤولية الا ان تكليف وزير النفط بادارة ملف الكهرباء ابطل حجج الاثنين معا في ان واحد !واخر ماترشح عن الوزارة هو اختلاس مبلغ قدره (18مليار)دينار عراقي بالتمام والكمال في قضية واحدة !الوزير المستقيل كريم وحيد من مواليد محافظة ذي قار , لكنه تفنن في محاربة المحافظة في قضية الكهرباء وقد اعلن ابن الناصرية البار السيد عزيز كاظم علوان ,محافظها السابق والنائب عنها الان عن دور الوزير في تعطيل عدد من المشاريع في المحافظة كتغذية قرى كثيرة بالكهرباء او تجهيز مشروع ماء الناصرية الكبير بالطاقة والسبب هو ان الناصرية (ستطلب حصة اكبر من الكهرباء)!!كما ان الوزارة الموقرة رفضت فكرة مجلس المحافظة في طرح محطة خاصة للاستثمار من موازنة المحافظة وقررت ربط أي محطة بالشبكة الكهربائية في حال انجازها ولو من اموال المحافظة الخاصة !!وكثيرا مارددت الوزارة او الوزير عند حدوث الانقطاعات العامة ان السبب في ذلك هو تجاوز محافظة ذي قار لحصتها !!بعد تغيير المحافظ السابق السيد عزيز كاظم علوان انخفض حجم الطاقة الكهربائية المجهز للناصرية بشكل كبير وتكرر الامر ذاته في البصرة الامر الذي ادى الى اندلاع تظاهرات الكهرباء المعروفة !وقيل في حينه ان هذه المحافظات كانت متجاوزة لحصتها على حساب محافظات اخرى....وهذا يعني انه ومع استقطاع ساعة من الناصرية يجب ان تكون هناك زيادة في تجهيز محافظتين كالسماوة والديوانية معا بساعة اضافية....لكن ماحدث هو ان الاستقطاع الذي زاد على 6-8ساعات يوميا من الناصرية ومن البصرة رافقه تدهور في تجهيز محافظات اخرى كثيرة !!!اخيرا...انتهى الصيف...واستبشرنا خيرا كما يحدث في كل عام ....الا ان مايحدث هذه السنة امر غريب في الناصرية...حيث ان ساعات القطع تزيد احيانا على 12 ساعة يوميا مع شحة في كثر من احياء المدينة في مياه الشرب الامر الذي لم تالفه المدينة منذ 2004 تقريبا !مايحدث الان في الناصرية جعل اهلها يشعرون بالقلق والخوف من الصيف المقبل اذا كان هذا هو حال المدينة في الشتاء ....كما ان مبرر وزير الكهرباء والنفط السابق لكثرة الانقطاعات بكثرة استخدام اجهزة التبريد لايمكن طرحه حاليا للتداول لاسيما انه فشل في فصل الصيف اصلا ....!!!لسان حال ابناء ذي قار يقول .....لاصيفنا الاخير كباقي فصول الصيف السابقة !ولاشتائنا الحالي كباقي فصول الشتاء السابقة !لامبرر لانقطاع الكهرباء بهذا الشكل .....كما انه لامبرر لانقطاع الماء بهذا الشكل في فصل الشتاء !واذا كان هناك من يحاول تقديم التبريرات في فصل الصيف فما عساه يقول في الشتاء ؟؟الرجل البسيط يقول هنا ( الحكومة ماتقدر الا على الناصرية ....ياحكومة تجي متحاملة على الناصرية)!وكما تسائلنا عن اسباب تدني خدمات الماء والكهرباء (وحتى المجاري) في الناصرية في فصل الشتاء........حيث لانجد مبررا لذلك....نتسائل عن اسباب استهداف الناصرية بهذا الشكل لاننا لانجد له مبررا واضحا ....ان قلنا بوجود المبررات بالنسبة لنظام البعث او لبريمر!
كما يحق لنا ان نتسائل....اذا كان بالامكان تجاهل هذا من قبل الناس في الشتاء ....فهل يمكن تجاهله في الصيف المقبل؟؟ام ان الحكومة تعول على قدرتها في احتواء الظاهرات كما فعلت في الصيف الماضي ؟؟لكني على اية حال اجزم ان هذا الوضع ينبىء بان الصيف المقبل سيكون اسخن بكثيرمن الصيف الماضي كما كان شتاء تونس اسخن على بن علي من صيفه !
هشام حيدرالناصريةhttp://husham.maktoobblog.com/
https://telegram.me/buratha
