قاسم التميمي
لقد حمل يوم عاشوراء في طياته مصائب ومآسي أمتزجت بمظاهر الطهر والقداسة فتمخض عن ذلك التركيب العجيب ملحمة عريقة تطوف بالأجيال على الحقائق الألهية الخفية، وتصل بهم في النهاية الى حيث المشاهد المؤلمة الأخيره:أطناب تلتهمها النار بشراهه وسماء حجبتها سحب الدخان المظلم وأطفال يضجون بالبكاء مشدوهين ونساء يتلاقفن سياط الأعداء بصبر ووجل وأجساد مقطعة الرؤوس تسقي الأرض بدمائها الزكية وعليل يتحامل على عصاه وهو يرقب لحظات القدر المريعة تلك .وبعدها يأتي موكب السبايا الذي يحث الخطى من مكان الى آخر ويقطع القفار تلو القفار يتقدمه رأس رجل من أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وأقربهم منه وأعلاهم قدرا رأس رجل أنقطع بقتله وجود أبناء الأنبياء من أهل الكساء.لقد كان لهذا الركب من جانب :حرارة ثوره ومن جانب آخر أنين مكروب وبكاء على فراق حبيب ليس لعودته رجاء ولابعد وداعه لقاء فما حال جمع من النساء وسط وحوش ليس لها من الرحمة نصيب ؟ ومامصير أطفال يتامى غاب عنهم الولي والكفيل ولم يبق لهم الا امام عليل فد أخذت الكربات منه مأخذها وحال المرض بينه وبين الحول والقوة.فما زال الألم مقيما بين حنايا ذلك الركب الحزين يعتصر بالحرقة قلوب المسبيات من بنات النبيين مع مايحيطهن من خوف من المصير المحتوم ،فالحارس قاتل الأحبة والحادي ملؤه الشنآن والغلظة والمشايعون قد ماتت قلوبهم فهم في شهواتهم يعمهون ولايطيعون الا الهوى ولايعبدون الا الدنيا.وعلى الرغم من أن جل الركب كان من النساء والصبية الا انه صار كسيف مغمد تلمع حشاشته كل حين لترتعد منه فرائض الظالمين وتتزلزل له عروش الطواغيت المتجبرين فيبادروا لتحريك الركب عن موضعه ودفعه الى حيث مستقره.لقد أشعل ذلك الركب بعد مصرع الأمام الحسين عليه السلام ثورة عظيمة ذلك انه في خضم تشويه الحقائق التي كان يسعى اليها بني أمية فأنه قد يسهل آنذاك تبرير قتل الامام عليه السلام وتمويه الحقائق على الناس في ذلك الوقت ولكن أنى لهم تبرير سبي بنات رسول الله على مرأى ومسمع الامة بين البلدان ؟ فهذا العمل لوحده كان كافيا لفضح السلطان الأموي وتعرية وجهه القبيح امام المسلمين جميعا .هذا بالأضافة الى ماكان الامام السجاد عليه السلام وعماته وأخواته يلقونه من خطب وكلمات بليغة في الناس تبين لهم الحقائق وتحرك المشاعر ضد الظلم والطغيان ،لذا تجد ان في كل مقام وعظ لآل بيت الرساله على رؤوس الملأ تسمع البكاء والعويل بين حشود الناس حتى قيل للامام السجاد : نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولاراغبين عنك فمرنا بأمرك يرحمك الله فانا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا.السلام على الامام المفجوع الأسير والسلام على عيال الحسين سبايا آل محمد وعلى الذرية الطاهرة الممتحنة ماأشرقت شمس وأنار قمر ورحمة الله وبركاته.
https://telegram.me/buratha