المقالات

من حال الى حال


عادل الجبوري

كل من يزور مدينة سامراء حاليا يجد صورتها مختلفة تماما عن صورتها قبل خمسة اعوام، اذ كانت في ذلك الوقت تعيش تحت مرجل الشد الطائفي والمذهبي، اثر العمل الارهابي الذي استهدف مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام، وتسبب بهدم اجزاء كبيرة من ذلك المعلم الديني والتأريخي المهم.فالتفجير الذي وقع صبيحة يوم الاربعاء، الثالث والعشرين من شهر شباط-فبراير من عام 2006، فتح الباب واسعا امام موجة من العنف والارهاب الدموي بعناوين طائفية ومذهبية، امتدت الى مساحات واسعة من مدن العراق ومن بينها العاصمة بغداد، وخلفت اعدادا كبيرة جدا من القتلى والنازحين والمهجرين، الى جانب الدمار والتخريب الذي حل بأحياء ومدن كاملة، وعطل وشل بعض مفاصل الحياة اليومية للمجتمع العراقي.وكل ذلك ترتبت عليه استحقاقات وتبعات سياسية وامنية خطيرة كادت ان تخضع العراق لسطوة الجماعات الارهابية المسلحة بالكامل، وان تعصف بالحكومة وبمؤسسات الدولة العراقية الفتية.وعلى امتداد عام 2006 والنصف الاول من عام 2007 لكم يكن هناك حديث في وسائل الاعلام المحلية والاجنبية، ومن على المنابر السياسية عن انجازات ومكاسب وتحولات ايجابية على الاصعدة الامنية والسياسية والاقتصادية والحياتية في العراق، بقدر ما كان الحديث متمحورا حول مدى امكانية وقدرة الحكومة العراقية على الصمود وتجنب خيار الانهيار والسقوط.ولم تكن مظاهر الارهاب وبعض شخوصه بعيدة عن ميدان الحكومة واروقة وكواليس مجلس النواب، والمؤسسات الحكومية المهمة.وبات كل مظهر من مظاهر العنف والارهاب يقترن بما اطلق عليه "احداث سامراء"، "وسامراء باتت في وقت من الاوقات مغلقة بصورة كاملة او شبه كاملة للجماعات الارهابية، واهلها وهم غالبيتهم المطلقة ينتمون للمذهب السني اصبحوا بمثابة اسرى او رهائن بأيدي تلك الجماعات"، هكذا يقول احد ابناء المدينة الذي يمتلك محلا تجاريا ارغم على اغلاقة لمدة اكثر من عامين.وليس ذلك المحل وحده الذي انفتحت ابوابه، بل ان عشرات او مئات المحلات فتحت ابوابها هي الاخرى لتزدهر الاسواق وتدب الحياة في تلك المدينة المقدسة من جديد.وبقدر ما كانت مسيرة اعادة بناء واعمار مرقد الامامين تتقدم بأضطراد كانت مظاهر الحياة تدب وتتضح وتتجلى في تلك المدينة التأريخية المقدسة، الذي يعود تأريخ بنائها الى زمن الخلفية العباسي المعتصم بالله في عام (221هـ-836م).وتقدر الاحصائيات ان عدد زوار الذين توافدوا الى مدينة سامراء منذ فتح ابواب المرقد الشريف منتصف عام 2008 بلغوا سبعة ملايين زائر ، البعض منهم من خارج العراق.وعلى امتداد الاعوام الثلاثة الماضية، زارت وفود وشخصيات سياسية ودينية واجتماعة وعلمية عراقية وعربية واجنبية مدينة سامراء، اما لاداء مراسيم الزيارة للامامين العسكريين عليهما السلام، او للوقوف على مراحل اعادة واعمار مرقديهما، او لاطلاق رسائل سياسية معينة عن مديات التحسن الكبير في الاوضاع الامنية والسياسية للبلاد، او للاشارة والتأكيد على طبيعة التلاحم والتالف الوطني بين مكونات المجتمع العراقي، وانحسار وتلاشي ظاهرة الارهاب في العراق. والامر المهم ان عنوان المكون السني في المجتمع العراقي لم يكن غائبا او بعيدا عن صورة الواقع الجديد لمدينة سامراء، فهناك صلاة جماعية موحدة تقام بأستمرار في الروضة العسكرية المطهرة، الى جانب ذلك فأن ابناء العشائر السنية في مدينة سامراء والمناطق المؤدية اليها من جهة العاصمة بغداد، حرصوا على فتح ابواب بيوتهم ومضائفهم للزوار وتقديم الطعام والشراب لهم وكل الاحتياجات المطلوبة بطريقة تشبه الى حد كبير مواكب الخدمة لزوار الامام الحسين بن علي عليهما السلام، الذي يتوجهون من مختلف مدن العراق في كل عام الى مدينة كربلاء المقدسة لاحياء ذكرى اربعينية استشهاد الامام الحسين واهل بيته واصحابه في واقعة الطف.ولاشك ان التوجيهات المتكررة للمرجعية الدينية في مدينة النجف الاشرف بزيارة سامراء تحمل رسالة واضحة في دلالاتها ومضامينها عن حجم وطبيعة المتغيرات الايجابية، والاجواء والظروف المناسبة لعموم الناس لكي يذهبوا الى سامراء مثلما يذهبون الى النجف وكربلاء والكاظمية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك