المقالات

المفاهيم الحركية والاصلاحية للثورة الحسينية


محمود الربيعي

الاهداف والمرتكزاتلقد تحرك الإمام الحسين عليه السلام وفق أهداف محددة ولم يخرج لهواً ولا لعباً كما هو الحال عند قصيري النظر وفاقدي البصيرة الذين يعتقدون أنه خرج على إمام زمانه، فقد كانت أهداف الإمام الحسين عليه السلام واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار فقد خرج لإيقاف حالة الإنحراف التي اصابت نظام الحكم الإسلامي والمجتمع ونهض طلباً للاصلاح في الأمة ومن أجل القيام بمهمة تقويم الإعوجاج الذي طالها بسبب الحكم الجائر الفاسد الذي كان عليه يزيد بن معاوية.

انعاش الحركات الاصلاحيةإن حركة الإمام الحسين عليه السلام تعتبر نموذجا مثالياً لكل الحركات الإصلاحية في العالم بسبب المميزات التي اكتسبتها بنتيجة المواقف المخلصة والتفاني المنقطع النظير الذي لايرقى إليه أي نموذج آخر في العالم حاضراً وماضياً ومستقبلاً ويتضح ذلك من طبيعة مجريات الأحداث التي وقعت في كربلاء والتي جسدت معاني خالدة على مدى السنين والأعوام.

الحفاظ على الثوابتومايميز الحركة الحسينية هي حفاظها على الثوابت العقائدية والمبدئية إذ لم يستسلم الإمام وأصحابه لجيوش الكفر والضلال والفساد إذ لَزِمَ الإمام ومقاتليه طريق الحق فلم ينكلوا ولم يخضعوا لغيرهم واستماتوا من اجل إقامة العدل والقضاء على الفساد وهي مهمة الأحرار الحاملين للقيم الإنسانية والإسلامية السامية.

إستلهام العبر والدروس من حركة الامام الحسين عليه السلامإن أهم درس في واقعة الطف هو الثبات على المبدأ، وعدم قبول المساومة، ورفض الاستسلام، والمضي في طريق الجهاد، ورسم طريق النصر مهما كلف الأمر حتى لو كان ثمن ذلك هو دماء كل من كان في المعركة، لذلك حقق الإمام الحسين عليه السلام في حركته مالم تحققه جيوش جرارة إذ تحرك ضمير الأمة بعد الطف فكان ماكان من حركات تصحيحية إصلاحية انطلقت من وحي الطف كثورة سليمان بن صرد الخزاعي والملقب بأمير التوابين وحركة المختار بن ابي عبيد الله الثقفي ولازال جميع الأحرار في العالم يستلهمون دروس الصبر والتضحية ونكران الذات والثبات على المبدأ من هذه الحركات ومن هؤلاء الذين استلهموا المهاتما غاندي والزعيم الصيني ماوتسي تونغ.

الانحراف عن مفاهيم واهداف الحركة الحسينيةعلى الذين يتشدقون بحب الإمام الحسين عليه السلام أن يكون لهم الإمام الحسين عليه السلام قدوة ومثلاً أعلى في الحفاظ على ثوابتهم العقائدية والأخلاقية وأن لايكونوا مثلاً سيئاً للناس في الحياة خصوصاً اولئك الذين يتحركون في المجتمع ويدعون أنهم من مدرسة الإمام الحسين عليه السلام فللإمام ثوابته وأهمها الثبات على القيم والمبادئ والأخلاق والإستقامة والنزاهة والوقوف بصلابة وحزم مع أعداء الله والرسول خصوصاً مع اولئك الفاسدين الذين يبيعون ضمائرهم بأبخس الأثمان مقابل مايجنونه من المال والسلطة او المنصب او الذين يرتضون ان يكونوا مطية لغيرهم من الاوغاد وجبابرة العصر.إن من أهم صفات الحسينيين هي أن يكون لديهم عقول واعية وضمائر حية وأن يشتروا بحياتهم واموالهم واوقاتهم طريق التضحية والفداء وان يكونوا قدوة للناس حتى يتأثر الناس بهم، ويتحركوا بأحاسيس المصلحين المخلصين من أجل أن يكونوا قيادة وقواعد وحدة متكاملة تقف بوجه الظلم والفساد.

التطابق والتخالف مع المنهج الحسيني في تقييم الحركات السياسيةإن الحركة الحسينية لها مميزاتها وخصوصياتها العميقة فهي تستند اولاً الى القيادة الإلهية الربانية كون تلك القيادة تتمثل بالإمام المعصوم وهو خليفة الله في الارض وهو معنى عظيم ليس له علاقة بالقيادة السياسية فالقيادة السياسية عرض وقد يكون معطلاً كما حدث ذلك لكثير من الأئمة الاطهار وقد يتعرض هؤلاء القادة الربانيون الى السجن او القتل كما فُعِلَ ذلك بكثير من الانبياء والاوصياء لكن القيادة المعصومة الربانية تبقى تقود المجتمع بنظام الولاية الشرعية كون الإمام المعصوم ولياً لله على الارض وتجب طاعته.والمنهج الحسيني هو ليس منهجاً سياسياً بقدر ماهو منهجاً قِيَمِياً اخلاقياً ربانياً يقوم على اساس العدل ومن اجل توفير السعادة للناس لاجل ان يعبدوا الله ويحترمون قوانينه ويطيعون اوامره واوامر وليه المعصوم.ومانراه من المتشدقين في عالم السياسة وكثرة دعاواهم في السير على المنهج الحسيني هو ادعاءات سياسية لادخل لها في عالم الولاية والاخلاص والقيادة الربانية، فالقيادة الربانية تتقاطع مع سلوك المنحرفين فلايمكن ان يكون السارق او المتكبر او المغرور حسيني المنهج، ولايمكن ان يركب تحت مسميات حسينية وهو يندفع نحو المغنم، إذ أن هذا هو ليس بتفكير الحسينيين والقادة الربانيين.

لماذا لايمكن قطع ثمار الحركة الحسينية في الحالة السياسيةفالحالة الحسينية المنهجية لاتتقبل ان يتمحور السياسيون في احزاب تتقاسم السلطة والمال فذلك يخالف القواعد الحسينية التي تتسم بالتضحية والايثار والحفاظ على الثوابت الدينية وهي ثوابت انسانية عقائدية لاتحمل أي معنى طائفي او عنصري ولاتتموضع في حزب معين او كتلة معينة، فالحسيني هو من يعمل في صفوف الجماهير ويتميز بكثرة عطائه وتواضعه ونزاهته، لذلك فإن كل ادعاء فارغ للمنهج الحسيني سيسقط الواحد بعد الآخر حتى نرى من هو أهل لأن يكون في مقدمة الصفوف يحب الناس ويحبونه وينتصر للحق وينصرونه.

الحاجة الى تطهير الحالة السياسية من ادعياء المنهج الحسينيإن علينا أن لانخاف على الحق ولاعلى اهل الحق مهما اصابهم من القرح فإن من احدى علائم النصر هو دفع الثمن في سبيل الله والخير، ومن زرع حصد، وزرع الانبياء والقادة والمصلحين هو حي دائم في ضمير الناس وقلوب عشاق الحسين واصحاب الحسين، وهو مدخر في حسابات الرب ولو كره به الكافرون.ان على الناس تطهير الحالات التي تحتاج الى تطهير، وان عليهم ان لايخافوا في الله لومة لائم، وعليهم ان لايهتموا بنعيق الغربان، ولااصوات الثيران، وعليهم ان يقضوا على بعوض السياسة، وذباب المناصب والاموال، وان يكونوا واعين حذرين من دسائس الاعداء ابناء ابليس ومن معه من الوحوش والافاعي، ابناء عاد وثمود.. ولله في خلقه شؤون.

محمود الربيعي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك