المقالات

المنبر الحسيني .. برلمان المظلومين والمضطهدين

870 13:46:00 2010-12-13

وليد المشرفاوي

لقد أعطت الثورة الحسينية للإنسانية الكثير من الدروس الأخلاقية والاجتماعية والسياسية فبعد استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وبعد أن انبرت السيدة زينب (ع) بكشف معالم الجريمة التي ارتكبتها عصابات بني أمية بحق أهل بيت النبوة.ظهر المنبر الحسيني , وما المنبر الحسيني إلا برلمانا يجتمع به المظلومين والمضطهدين لأخذ العزيمة والشجاعة من المنبر لانتزاع حقوقهم من الطغاة الذين ما نفكوا يحاربون ذلك المنبر المقدس لما يشكله من خطر على عروشهم لأنه يعطي للجماهير دروسا بالشجاعة والرجولة والشهامة لمحاربة كل الأفكار المنحرفة التي ابتكرها وعاظ سلاطين القصر الأموي ومن تبعهم من الطغاة اللاحقين والعادات والتقاليد الفاسدة التي روج لها سلاطين الجور من اجل تخدير الشعوب وإشغالها عن المطالبة بحقوقها التي سلبوها ..فمن بركات ثائر ألطف وشهيد الثورة الكربلائية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) سبط رسول الله بروز المنبر الحسيني منارة الثقافة الدينية والتاريخية والسياسية والاجتماعية للمسلمين كافة والحصن الحصين للشخصية الإسلامية الممانعة والمقاومة على مر التاريخ للظلم والجور والاستبداد , غرست في من يؤمن بها الإبعاد الإيمانية بما تحتويه من تضحيات معنوية وجسدية في سبيل هدف يسمو على مر العصور , واقعة ألطف تستلهم منها العبر والعظات بقيادة قائد عظيم وقف في وجه الظلم والبغي كالطود الشامخ والجبل الراسي في مواجهة ألوان الفساد والانحلال التي تواجهه الأمة منذ الحكم الأموي اليزيدي . الحسين الثائر هو شجرة ثابتة في الأرض وسامية تناطح عنان السماء , ثورة الحسين لها الفضل الكبير على مر العصور في إبقاء جذوة الدين مشتعلة وهاجة وكان لابد أن تكون لهذه الثورة المتقدة والمضيئة , أدوات ووسائل لتوصلها إلى كل جيل حسب ظروف العصر الذي يعيش فيه , فبرز ذلك المنبر الحسيني الذي أثرى الساحة الإسلامية بل الإنسانية ثقافة وفكرا وتاريخا خصوصا انه كان القناة الوحيدة لنشر المبادئ الإسلامية الأصيلة كما كان له الأثر البالغ بإزالة بعض الشبهات عن مصيبة وثورة الإمام الحسين(ع).قد يكون من الطبيعي أن تطغى النبرة العاطفية والحزينة على مضمون المنبر الحسيني لتصان في القلوب وتحفر في العقول , في زمن السلاطين والحكام الذين تكالبوا على محاربة الثورة الحسينية , وحاولوا طمس معالمها ومحو آثارها وما تتضمنه من قيم ومبادئ تقارع الظلم والجور حاضرا ومستقبلا , فهي نبراسا ودرعا للمستضعفين والمحرومين وسلوى للمظلومين والمدافعين عن حقوقهم .مع هذا كله يحتاج المنبر الحسيني إلى تجديد مع حداثة خطاب اليوم مضمونا وشكلا ,أي لابد من صياغة رؤية جديدة للمنبر الحسيني الذي سيظل علامة فارقة في الثقافة والفكر الإسلامي لا غنى عنه ,ولأننا وصلنا إلى مرحلة المنافسة والتحدي والبحث عن أدوات جذب لمستمعي وحضور المنبر لم يعد سمو الهدف والغاية أو القيم والمبادئ كافية لحشد حضورا اكبر في الحسينيات في هذا الزمن ,لكن أساليب الطرح والتقديم عوامل جذب مهمة في استقطاب الحضور للاستماع والإنصات بوعي وفهم لأبعاد الحركة الحسينية , فلابد من تجديد خطاب المنبر الحسيني.فالمنبر الحسيني هو المعبر عن حادثة تاريخية سطرت ملاحمها على تراب كربلاء وجمعت بين طياتها مفاهيم ومضامين حفرت في جبين التاريخ , تتجدد سنويا وتضفي معاني لكل متلقي وتزرع في نفوس المحرومين والمضطهدين والمقهورين الإباء والعزة والإيثار والبحث عن الشهادة في سبيل الله والعدالة الاجتماعية والسياسية للمجتمعات.إن حمل لواء الثورة الحسينية تحتم على الخطيب أن يكون في مستوى التغييرات المتسارعة للمفاهيم والقيم والمبادئ المختلفة , حتى المتناقضة مع فكر الثورة الحسينية لمناقشتها وتحليلها تحليلا موضوعيا وتقديم البدائل المقبولة والمعقولة لبعض أنواع الثقافات القادمة بقوالب عديدة ومتلبسة بلباس الإسلام في كثير من الأحيان ,فمن غير شك إن قيم الحسين لم تنضب في فكرنا ودموعنا ولم ولن تجف على مصيبة وتضحيات أبي عبدالله ,لكن ينبغي أن توصل رسالة الثورة الحسينية بمضمون فكري يناسب العصر وبأفكار وتعاليم يقبلها الآخر , علينا أن نوصل القيم والمبادئ الحسينية إلى الآخر بجوانب أخرى غير الجوانب الخاصة بالمذهب , نوصل رسالة الثورة الكربلائية إلى الآخر كما تلقاها غاندي الذي يحمل فكرا غير سماوي لكنه وعاها بمفهومه الخاص وبلغته الخاصة ,الرسالة الحسينية ينبغي أن تكون لها مفردات ومفاهيم عصرية تستوعب المتغيرات الفكرية وتدحر الهجوم الثقافي متعدد الوسائل وان تكون بديلا معقولا له وليس رافضا له من اجل الرفض , إننا نعيش في واقع لا مفر من هبوب العواصف الثقافية التي أصبحت وسائله في اليد والجيب نتيجة الثورة العلمية التي نمر بها حاليا , إن دفن الرؤوس في التراب ووصد الأبواب على البيوت ولى من غير رجعة فنحن نعيش مع فكر وثقافة الآخر , وفي العصر الحالي أو بالأحرى اللحظة الحالية المتسارعة التغيير , زمن تفاعل الثقافات والبقاء للأقوى والأصلح للحياة الإنسانية والتي تعالج قضايا البشر وليس امة أو فئة معينة , يحتج عليك الآخر بأنك تتحدث بلغتك ومفهومك الخاص وهو مبرر كافي لرفضك وعدم قبول رسالتك , إننا نعيش في عصر قبول الآخر والتعايش السلمي والاستفادة من مكتسبات الحضارات والانصهار في بوتقة الأنظمة والقوانين الدولية والعولمة الثقافية التي تجبرنا على الحصانة الذاتية وليس غض النظر لعمل توازن مابين الخاص والعام .ثقافة اليوم ثقافة مفاهيم ومصطلحات وقيم يراد لها أن تزرع وتغير بعض الثوابت لدى المجتمعات الإسلامية , فالخطيب الذي لم يتسلح بالثقافة العصرية وفهم ما يدور على الساحة السياسية والاجتماعية والعلمية , التي ابتكرت فيه وسائل لتوصيل هذه الثقافة المعولمة إلى كل فرد , في عصر ضعفت فيه الخصوصية الثقافية والفكرية لأغلب المجتمعات ورفعت الحواجز المعرفية بين الأمم ولم تعد الكلمة والصورة محبوستين في حيز ضيق يصعب تنقلهما .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الكوفي
2010-12-15
انته اكبر برلمان ... صوت حق وضمان .............................. هكذا ياسيدي صوت علـــــــى صوت حق وعلى الباغي اعتلى صوت حق قد على في كربلا ببيان قد صدر :: وبصوت قد هدر هكذا خط البيان ........................................ هكذا ياسيدي في كل حين وعلى مر الدهور والسنين ونقول اليوم يا ليث العرين نحن خدام لديك :: يرجع الامر اليك لك في كل زمان ............................................. لك في الارضين الاف الفروع واليك تهوي الاف الجمــــوع قد بكاك سيدي حتى يســوع فمسيح قد عزاك :: ونصاري قد فداك وجدوا فيك الامان ...................................... انته للعالم خير وصـــــــلاح انته يامولاي حي عل الفلاح انته نور الله قد طل وفــــاح انته عون الضعفاء :: انته زاد الفقراء اين ما كنت وكان ............................. هكذا ياسيدي كان الصراع بين خير بين اجلاف رعاع هكذا كنت امير الاقتــــراع قد هوت فيك النفوس :: اخذت منـــك الدروس منبرا في كل مكان .......................................... انته يا مولاي عشق العاشقين انته يا مولاي للدين حصيــــن انته من ذل الطغاة المارقيـــن انته للدين فديت :: وعلى العرش اعتليت هكذا كنت ضمان ..................................... خادم اهل البيت عليهم السلام ابو مصطفى الكوفي
الكوفي
2010-12-15
كنت اتمنى من الاخ الكاتب ان يكون عنوان المقال هو ( من هو اكبر برلمان في العالم ) كنت بصدد كتاب مقال يحمل هذا العنون وبسبب المشاغل تأخرت عن كتابته ، البرلمان الحسيني في كل بلدان العالم ولم يختلف الحسينيون على رئيسه الذي سكن القلوب لاكثر من 1400 سنة وسيبقى حتى قيام الساعة ولن يكون رئيسا للبرلمان غيره ، البرلمان الحسيني لايمكن لنا حصر نوابه كما انه البرلمان الوحيد الذي فيه الفقير والغني والعالم والدكتور والفيلسوف والمهندس والمفكر والمزارع والعطار والميكانيكي والصغير والكبير والمرأة ووووو الخ .
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك