المقالات

العملية السياسية: هنا بنيت الدولة الفاشلة


قاسم العجرش

لم يكن جديدًا ما يتم تداوله في الصحافة العالمية عن استباحة المخابرات العالمية وسفارات الدول الكبرى لأمننا وخصوصياتنا، ولم يكن مستغرب الاعلان عن التراخي الأمني والقضائي المتمادي، وشبكات التجسس وسرقة المال العام. فمنذ زمن طويل يقوم من فوّض تمثيل الشعب والمحافظة على حقوقه ومصالحه بتخطي القانون والاستهتار بكرامة الشعب وحياته، ويقوم مرافقو بعض "ممثلي الامة" بالأعتداء على الناس في الطرقات واستخدام الاسلحة الحربية كما يستخدمها قطاع الطرق، ويحنّ بعضهم الآخر الى عهود سيطرة الميليشيات فيكملون ما اعتادوا عليه في السابق من تجارة ممنوعة وعمالة خارجية واغراق الوطن بالسموم.العراق "دولة فاشلة" بالمعايير الدولية... هو كذلك لأن جميع مقومات الفشل حاضرة، وسيستمر كذلك لأن لا أمل في طبقة سياسية فاسدة أنتجها نظام متخلف وفاسد، تتغذى من هذا الفشل وتقتات عليه. عالميًا، يُحكم على الدول بالفشل أو عدمه من خلال معايير عدة، أهمها 12 مؤشرًا يُعتمد عليها لمعرفة مدى نجاح دولة من الدول أو فشلها وهي: 1.الضغوط الديمغرافية (زيادة السكان، وسوء توزيعهم، والتوزيع العمري، إلخ).2. وجود لاجئين أو تزايد الحركات غير النظامية التي تخلق أمراضًا، ونقصًا في الغذاء والمياه الصالحة للشرب الخ.3. وجود جماعات تشعر بالغبن: ويمكن رصده من خلال عدم العدالة، والاستثناء السياسي والمؤسسي، وسيطرة أقلية على الأغلبية الخ.4. هجرة العقول، وهجرة الطبقات المنتجة من الدولة، والاغتراب داخل المجتمع.5. غياب التنمية الاقتصادية: وأهمها عدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل، ومستويات الفقر...6. التدهور الاقتصادي الحاد وسماته تدني الدخل القومي، وسعر الصرف، والميزان التجاري، ومعدلات الاستثمار، وتقييم العملة الوطنية، ومعدل النمو، والتوزيع، والشفافية والفساد، والتزامات الدولة المالية....7. فقدان شرعية السلطة: وذلك من خلال قياس مدى فساد النخبة الحاكمة، وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية، وضعف الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية....8. التدهور الحاد في تقديم الخدمات العامة الاساسية مثل الصحة والتعليم والتوظيف الخ..9. الحرمان من التطبيق العادل لحكم القانون وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان.10. تشتت الأمن كظهور نخبة عسكرية داخل الجيش، أوهيمنة النخبة العسكرية، أوظهور النزاعات المسلحة، أو ظهور قوى أمنية بموازاة الأمن النظامي للدولة الخ.11. تنامي الانشقاقات داخل النخب أي الانقسامات الحادة بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة، واستخدام النخبة الحاكمة لمقولات سياسية قومية انفصالية او توحيدية.12. التدخل الخارجي سواء على شكل تدخل سياسي أو عسكري أو مجموعات حفظ السلام وفصل بين المتحاربين.أي من هذه المعايير والمؤشرات لا ينطبق على العراق وسلطته وقانونه وتردي حقوق الانسان فيه؟.إذًا، هو "دولة فاشلة" بكل ما للكلمة من معنى، هو دولة همّش شعبها بكل فئاته، من الاطفال الى الشباب والنساء، الى اصحاب العقول والكفاءات، الى المنتشرين في اصقاع الارض الخ.حقوق الاطفال في التعليم واللعب والعيش منتهكة، حقوق الشباب الاجتماعية والمدنية والسياسية منتهكة، حقوق الانسان في حياة حرة كريمة وبمواطنية تامة غير منتقصة منتهكة، حقوق النساء في مساواة بسيطة في الحقوق والواجبات منتهكة، حقوق العجزة، حقوق العمال، حقوق المعوقين ... الحقوق والحريات الاساسية بمجملها منتهكة. الجميع يشعر بالغبن، الجميع تنتهك حقوقه وحرياته يوميًا على الطرقات وفي المستشفيات وفي المدارس والجامعات وفي الابنية الحكومية وفي مطارات العالم وعلى ابواب السفارات التي يلجأ اليها العراقي طلبًا للهجرة من بلد سدّت فيه أبواب العيش الكريم.لكن، قد يسأل سائل: ألا يوجد فئات لا تشعر بالغبن والحرمان؟ بالطبع يوجد... المسؤولون السياسيون وأبناؤهم وعائلاتهم والمحظيون لديهم. المجرمون الذين يجدون من يدافع عنهم من النواب ، ومن يسّن لهم قوانين العفو عن الجرائم المرتكبة بحق الوطن وشعبه. السماسرة وقطاع الطرق وتجار المخدرات الذين يجدون من يقلّهم بسياراتهم ويؤمن لهم الغطاء السياسي والقضائي. أصحاب رؤوس الأموال الذين يجدون في العراق جنة ضريبية، ويكلفّون ضريبة تغدو في بعض الأحيان اقل بكثير من تكليف المواطن صاحب الدخل المحدود.الطائفيون - تجار الهياكل، الذين يستخدمون الدين مطية لسياسات حاقدة ومشلّة لأي تطوير للمجتمع.حملة المباخر والمتزلفون، المتسكعون على الابواب بلا كرامة أملاً في حظوة ما.بائعات الهوى، اللواتي يجدن في البرامج التلفزيونية اعلانات متواصلة غير مدفوعة الأجر ، تشوّه سمعة المرأة العراقية في أقاصي الارض.العراق جسم مريض، تديره نخب سياسية فاسدة.. وهل من أمل يرجى في علاج جسد نخر السوس والفساد عقله؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
شادلي
2011-03-06
لم أعرف متى بنيت الدولة.
ابو حسنين النجفي
2010-12-05
نعم اخي الكريم * ان كل الذي قلته صحيح تماما واقول بل يوجد اكثر مما تفضلت به ولكن قولك العراق جسم مريض، تديره نخب سياسية فاسدة.. وهل من أمل يرجى في علاج جسد نخر السوس والفساد عقله؟ اقول نعم * ان غير القوم افعالهم فان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ( وان ابو على ذلك التغيير ) فان الله سيذهب بهم الى غير رجعة (وقد يبدلهم ) اي (يستخلف اخرين )بدل من هؤلاء * ان الله على كل شيء قدير (ان قدر الامة التغيير والا فان البديل عدم القدرة عليهم فلا يوجد حل اخر اذن (عليكم بالصبر والدعاء لاستخلاف غيرهم)
علي خزاعي
2010-12-04
ما الحل فدرالية ونهوض بقيادة نخبوية؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك