المقالات

توافقات الامر الواقع..حلحلة الازمة العراقية لا حلها

620 17:17:00 2010-11-13

عادل الجبوري

كان يوم الخميس الماضي، الحادي عشر من شهر تشرين الثاني-نوفمبر الجاري حافلا بحراك سياسي كبير في المشهد العراقي كسر الجمود السياسي وحلحل ازمة تشكيل الحكومة التي القت بظلالها الثقيلة عليه طيلة الشهور الثمانية الماضية.ومنذ الساعة الحادية عشر صباحا وحتى الساعة الحادية عشر والنصف ليلا كانت النقاشات والاجتماعات والحوارات متواصلة على مستويات متعددة بين الفرقاء السياسيين تحت قبة مجلس النواب العراقي وعلى مرأى ومسمع من العراقيين وغير العراقيين، وخلف الكواليس والابواب المغلقة بعيدا عن الانظار.وعلى اساس ما تمخضت عن اجتماعات اربيل وبغداد بين قادة الكتل السياسية، اختير النائب عن القائمة العراقية ورئيس تجمع وطنيون اسامة النجيفي رئيسا للبرلمان بعد ان حصل على 227 صوتا من مجموع 325، وكل من النائب عن التيار الصدري قصي السهيل نائبا اول، وعارف طيفور نائبا ثانيا، وتم انتخاب جلال الطالباني رئيسا للجمهورية لولاية ثانية، اذ حصل على 195 صوتا في جولة الاعادة الثانية بعد انسحاب منافسه القاضي حسين الموسوي، وقد كلف الطالباني بعد انتخابه وتأديته اليمين الدستوري مرشح الكتلة النيابية الاكبر(التحالف الوطني) وهو رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بتشكيل الحكومة الجديدة خلال ثلاثين يوما من تأريخ التكليف بحسب الدستور العراقي.وهذا يعني ان معادلات توزيع المناصب العليا للدولة العراقية لم تتغير، اذ احتفظ الشيعة بمنصب رئاسة الحكومة والاكراد بمنصب رئاسة الجمهورية والعرب السنة بمنصب رئاسة البرلمان.واذا كانت هناك تغييرات يمكن ان تطرأ على المعادلات الكلية فأنها لن تخرج عن اطار حجم استحقاق كل مكون على ضوء الاستحقاق الانتخابي والتوافق السياسي القائم الذي رسخته اجتماعات اربيل وبغداد.ولعل هناك صيغة متفقة عليها ومقرة ومعمول بها منذ تشكيل الحكومة الانتقالية الاولى برئاسة اياد علاوي في عام 2004، تقوم على تحديد كل منصب بعدد من النقاط، وكل مقعدين ونصف من مقاعد البرلمان تحسب بنقطة واحدة.فمنصب رئيس الوزراء يحتاج الى عشر نقاط، اي الى خمسة وعشرين مقعدا برلمانيا، ومنصب رئيس الجمهورية وكذلك رئيس البرلمان يتطلبان خمس نقاط اي مايعادل اثني عشرا مقعدا ونصف لكل منهما، ونفس الشيء بالنسبة للوزارات السيادية المتمثلة بالخارجية والداخلية والدفاع والنفط والمالية، في حين تحتاج الوزارات الخدمية المتمثلة بالصحة والبلديات والاسكان والتعليم العالي والتربية والنقل والاتصالات والمهجرين والموارد المائية والرياضة والشباب الى ثلاث نقاط لكل منها اي مايعادل سبعة مقاعد ونصف، في حين تتطلب وزارات الدولة نقطة واحدة لكل منها.ووفق السياقات المعمول بها تقدم كل كتلة سياسية وعلى ضوء استحقاقها الحكومي ثلاثة اسماء لكل وزارة ليتسنى لرئيس الوزراء المكلف ان يختار واحدا من بينها. ولعله من الواضح جدا ان لقاءات اربيل وبغداد لم تفلح في اذابة الجليد بين بعض الفرقاء السياسيين، ولم تفلح كذلك في بناء الثقة الحقيقية بينهم، وهذا ماظهر جليا عند انطلاق جلسة مجلس النواب، اذ لم يمر وقت طويل حتى انسحب العدد الاكبر من اعضاء القائمة العراقية وفي مقدمتهم رئيسها اياد علاوي، بعد ان طالب اعضاء من القائمة اقرار ماتضمنته وثيقة الاتفاق المبرمة بين كل من رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ورئيس القائمة العراقية اياد علاوي، والمتمثل بأسقاط اجراءات المساءلة والعدالة بحق ثلاثة من قياديي القائمة وهم صالح المطلك وظافر العاني وراسم العوداي، وتحديد صيغة وصلاحيات وادوار المجلس الوطني للسياسات العليا الذي يفترض بحسب التوافقات ان توكل رئاسته لعلاوي.الكشف عن تلك الوثيقة اضافة الى وثيقة اخرى موقعة من قبل المالكي تقضي بألغاء اجراءات الاجتثاث عن العضو الاخر في القائمة جمال الكربولي اثار ارتباكا وامتعاضا لدى اعضاء ائتلاف دولة القانون وفي مقدمتهم المالكي، واثار ايضا لغطا وجدالا بين داع الى عدم الذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية قبل حسم ماجاء في اتفاق البارزاني-المالكي-علاوي، وبين مستند الى الدستور ومحتج به، بأن مثل هذه القضايا لابد ان تكون مدرجة مسبقا على جدول اعمال المجلس، فضلا عن ان هناك البت فيها يتطلب اجراءات وسياقات قانونية تحتاج الى بعض الوقت، ومن غير المنطقي تعطيل العملية السياسية بعد ان تحركت عجلتها بشق الانفس.انسحاب القائمة العراقية وان لم يعطل اجراءات انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة الا انه اطلق اشارات واضحة على عمق ازمة الثقة، وبقاء الهوة واسعة بين الخصمين الرئيسيين، المالكي وعلاوي، بحيث ان القول بأن الازمة لم تحل ولكنها تحلحلت بمقدار معين كان لابد منه لتجنب الخيارات السيئة هو الاقرب الى الواقع.وسواء تحققت تلك الحلحلة بفعل شعور وادراك الفرقاء السياسيين بأهمية التوصل الى توافقات واتفاقات تسوية وحلول وسط لتقاسم السلطة ، او بفعل ضغوطات خارجية اقليمية ودولية، فأنه لاخلاف على حقيقة ان الازمة العراقية خرجت من عنق الزجاجة وتجاوزت المنعطفات الخطيرة، ولم تعد هناك خشية مما قد تتبناه القائمة العراقية صاحبة الواحد تسعين مقعدا من خيارات، لان الاطراف التي كانت رافضة للمالكي او متحفظة عليه مثل الاكراد والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي وحزب الفضيلة الذي كان يراهن علاوي على تشكيل تحالف منها في مقابل تحالف المالكي، انتهت جميعها الى تأييد ودعم الاخير انطلاقا من حسابات سياسية مختلفة.والعراقية ذاتها باتت تدرك ان قطار تشكيل الحكومة الجديد برئاسة المالكي انطلق ولم يعد ممكنا ايقافه، وهي امام خيارين اما ركوبه والحصول على حصتها في الحكومة وفق الاستحقاق الانتخابي، او التخلف والبقاء في المعارضة الذي يمكن ان يدخلها في متاهات لاتفضي الى اية نتائج ايجابية، ناهيك عن ان مختلف القوى السياسية لاسيما الاكراد والمجلس الاعلى والتيار الصدري وتحالف الوسط يحرصون على مشاركة القائمة العراقية لضمان عدم عودة مشاهد العنف والارهاب الطائفي كما كان عليه الامر في عامي 2005 و 2006 من جانب، ومن جانب اخر فأن وجود العراقية في الحكومة يساعد في احداث توازنات ضرورية لابد منها، من شأنها قطع الطريق على اية محاولات لائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي للاستئثار والهيمنة على مفاصل صناعة القرار.بيان القائمة العراقية التي اصدرته في خضم التشنج الذي رافق عقد جلسة البرلمان اشار الى مطاليبها الاساسية والمتمثلة بأسقاط اجراءات المساءلة عن قيادييها المشار اليهم انفا، وتشريع قانون خاص للمجلس الوطني للسياسات الاستراتييجية بما يجعله مفصلا حيويا ومهما في صنع القرار، واعادة النظر بمجمل عمل هيئة المساءلة والعدالة، وتشكيل لجنة وطنية لمراجعة ملفات السجناء والمعتقلين واطلاق سراح المحتجزين منه بصورة غير قانونية. وماتريده من وراء اظهار التشدد في مواقفها هو تكريس مبدأ تقاسم السلطة وصنع القرار بين رئيس الوزراء المالكي ورئيس القائمة علاوي، وعدم الاكتفاء بالوجود في الحكومة وبمفاصلها المهمة فقط، فبحسب المؤشرات الاولية ستحصل العراقية اضافة الى رئاسة البرلمان ورئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية على منصب نائب رئيس الجمهورية ووزارتين سياديتين هما على الارجح الخارجية التي ربما يتولاها صالح المطلك والدفاع، لتكون اثنان من الوزارات السيادية الاخرى للتحالف الوطني وهما الداخلية والنفط، ولتؤول وزارة المالية التي يتولاها حاليا القيادي في المجلس الاعلى باقر جبر الزبيدي الى التحالف الكردستاني.

اضافة الى ذلك من المفترض ان تحصل العراقية على ثلاث وزارات خدمية ومثلها وزارات دولة.وبما ان حلحلة قد تحققت وحلا حقيقيا لم يتحقق فهذا يعني ان مهمة المالكي لتشكيل الحكومة لن تكون باليسيرة وعملية ارضاء الجميع والتوفيق بين الارادات المتقاطعة قد تتطلب وقتا يزيد على المهلة المحددة لمرشح رئاسة الوزراء لتشكيل حكومته وعرضها على مجلس النواب.ومن غير المستبعد ان يتعرض الدستور الى خرق اخر، لكن المهم-او الاهم-ان خارطة طريق تشكيل الحكومة اصبحت راحت تتبلور اكثر فأكثر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك