المقالات

مؤسسات الاعلام العراقي


شهد الدباغ

في ظل تعدد الاتجاهات والقنوات وتفرع بنية وسائل الاعلام في العراق كان المشهد الاعلامي ومنطلقاته يشهد ، نوعاً من عدم التنظيم والوضوح ، فقد ظهرت لنا العشرات من القنوات الثقافية والاعلامية التي تمطر المتلقي العراقي بالرسائل المسؤولة وغير المسؤولة واصبحت ساحة الاعلام والتاثير ساحة اقرب الى التجريب الثقافي او الوجاهة الاجتماعية والادارية فعلى الرغم من ايجابية المشاركة تلك وضخامة التفاعل ،الا انه يجب ان لايسيرعلى حساب الوعي بخطورة الدور وتراكم التاثير المتعدد الرموز و المقاصد، فكانت لنا صحف وقنوات اخرى تتمتع بتقاليد وضوابط رائعة ، والاخرى قد خلطت مابين الوجاهة والاظهار على حساب تأسيس قيم اعلامية ترتقي الى الحرية الاجتماعية والوطنية المسؤولة ، فالسؤال الذي يطرح نفسه ، من ماذا تنطلق بعض وسائل الاعلام المحلية ؟ والى أي معايير تخضع ؟ ماهي ادوارها الحقيقية في التنمية ، واعادة الاعمار ، وتشكيل العقل العراقي وتغيير بناءه نحو الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير على وفق الدستور ؟ ما دورها في مكافحة الارهاب ، وبناء اللحمة العراقية ؟ هل من الممكن صياغة خطاب عراقي اعلامي مسؤول وذو ثوابت مهنية يُدير المرحلة والمخاضات بذكاء وفطنة ؟ هذه الاسئلة وغيرها تبدو دون اجابة ، والواقع التشريعي والظرف الامني والسياسي ربما يبتعد كثيراً عن مناقشة الموضوع على طاولة من الموضوعية والصراحة التي يجب ان تعالج بها مثل هكذا موضوعات.

فعلى الرغم من اتخاذ الدولة بعض التدابير والضوابط نحو بعض وسائل الاعلام على انها خارجة عن خط ما ، فاعتقد ان هذا لايكفي لان طبيعة الوسيلة الاعلامية تاخذ ابعاداً شتى من الرموز التي تصب بضرر ما دون قصد احياناً ، فعلى وسائل الاعلام ان تفكر بطريقة بنائية، وان ترسو على مدرسة جديدة اساسها الموضوعية ووحدة المجتمع والنزاهة والمهنية ،لتتمتع باعلام حر خالٍ من التداخل وخلط الاوراق السياسية والطائفية والشخصية

القضية اكبر مما نعالجها او نقترح تخفيف وطئتها في التاثير المعاكس ربما بمسيرة البلد ومستقبله السياسي، وهذا بالطبع ناتج عن سؤء التخطيط ، وعدم التنظيم ، وطبيعة متغيرات المرحلة مما ولّد ارباكاً في صياغة الرسائل الاعلامية، وبالتالي تاثيراتها، فالمخاض الاعلامي جزء من المخاض العام الذي يمر به البلد ، وربما يعلو ويغدو في قمة المخاضات ، ذلك للابعاد النفسية والعاطفية والتاريخية التي يمكن ان تنطوي عليه بعض الخطابات الاعلامية .

فمرحلة التغيير منحت الاعلام - وهكذا بافتراض - الحرية المطلقة في التوجه الى الراي العام بكل اشكالها ، لكن لم تمنح الوعي بالتاثير واستحكامات اضراره التي بدأت تنمو على مستويات متعددة ، او الدور الذي يُلزمها ان تلعبه من خلال هذا المعطى الجديد ، فاي أجندة موحدة، واي أهداف واضحة لدينا ، واي إعلام متخصص نحن نخوضه؟

فبعض مؤسساتنا الاعلامية ترى ان لها الحق وطبقاً للدستور ان تغطي وان تنشر وان تسلط الضوء على قضية انطلاقاً من الحرية الممنوحة، والتي لانفهم حدودها ودورها البنائي ، واحياناً نقسو على الواقع الاجتماعي وعلى متطلبات المرحلة بأسم النعمة التي منحت لنا تحت يافطة ( حرية الاعلام والتعبير ).فراحت بعض القنوات تتكأ على البعد النفسي والتاريخي وارضية الاجماع، وان تطيح بالامن النفسي والجمال الاجتماعي الذي يهرب اليه المواطن ليلقي طمانينة ثقافية ووطنية تسلب منه - عن طريق الاعلام - طائفية وتحزب السياسين وحلبة صراعاتهم .

الحرية الاعلامية وبحسب كل المعايير وتجارب الشعوب التي قطعت شوطاً طويلاً في هذا المجال تنطلق ،من فهم اجتماعي راق التفكير، وتنطلق من التناغم مع الظروف الموضوعية لحاجة البلد ومخاضه السياسي والفكري ، وتستند على كل يؤّمن للرأي العام مناخا ًوحاضنة للامن النفسي والابداع وحب العمل والانتاج ، فوسائل الاعلام هي الرقيب الامين على مشكلات الناس وطرق تفسيرهم للحوادث والظواهر وليس مناراً لهديهم على التحريض والعناد،عليها ان تصبح الكابح الذي ينظم حياتهم ويوّحد مرامهم ، ويمّجد عطائهم ، بالترافق مع رفض الانا و مع الايمان بطرق التأهيل والتعليم واساليب العلم واحكامه ، لان الخطأ في الوسيلة الاعلامية لايمكن ان يُعدّل بمثلما يقع الضرر.

من تلك الرؤية الواقعية نرى من المفيد اعادة النظر في ، النظرة الى مؤسسات الاعلام على انها دائماً على حق وانها بعيدة الزلل والقصور، واعتقد علينا ان نجهد لكي نتبصر علمياً بما نضطلع ، وما نؤثر ، علينا ان نقيم نحن لمؤسساتنا مراكز مراقبة تقويم اداء ، ان نُقيس اين نحن من الظواهر محلية كانت ام دولية، وفي أي مركب نقود الناس والى اين؟ لان الوعي بخطورة الاعلام لايقل عن الوعي بخطورة الارهاب والفساد والسلاح، وهكذا نكون حين ذاك بمستوى الموضوعية التي قطعناها على انفسنا والراي العام والضمير الصحفي.الاعلامية : شهد الدباغ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك