المقالات

اجتماعات قادة يعرب...وشر البلية....


الدكتور يوسف السعيدي العراق

القمة العربية أضحت من الأمور المثيرة للأسى عند المواطن العربي, وهي ليست أكثر من محفل لجلد الذات, يتداعى إليها الإخوة الأعداء من قيادات الأمة التي انغمست في نرجسيتها حتى الأذنين. وان التعويل على قمة الدوحة وكأنها ستأتي بما عجزت عنه كل القمم العربية السابقة, ليس أكثر من وهم تشترك في صنعه أجهزة الاعلام الرسمية, وذاكرة الشعوب الضعيفة.الناظر الى القمم العربية طوال العقود الأربعة أو الخمسة السابقة بعين فاحصة عن حجم الانجازات التي قدمتها تلك القمم للأمة, سيجد انها في معظمها سلبية من وجهة نظر الأمة .. ولا تخدم الا الأنظمة. وأن المجادلة بأن لها ايجابيات أقلها انعقادها أو حضور كل القادة العرب .. مجادلة تدخل في باب مواساة الذات .. وهي من جانب آخر هروب ناتج عن عجز عن مواجهة البؤس الذي أصاب مواقع القرار في الوطن العربي.أن قراءة موضوعية للواقع العربي اليوم يدعو للشفقة أكثر من اي وقت مضى, وبالذات منذ منتصف القرن الماضي . فعلى المستوى العام في طول وعرض جغرافية الوطن العربي, نلاحظ ان القطرية قد أسفرت عن وجهها القبيح. وصار الخطاب القطري مقدما على الخطاب القومي. وكرست الانظمة العربية أجهزتها ومؤسساتها الإعلامية والثقافية لمحاولة ترسيخ ذلك الخطاب, وتأصيله في الوعي وفي الممارسة, بينما وضع الخطاب القومي على رفوف الإهمال .. وفي المناسبات كمؤتمرات القمة مثلا يتم مناولته من باب اشباع العواطف عند شريحة من الجمهور العربي. أن من نتائج السياسة القطرية الصرفة التي تبنتها معظم الأقطار العربية. ان دخلنا في مفاوضات سلام كدول مفككة وليس ككيان عربي موحد في الموقف التفاوضي - على الاقل - . فإذا كان الكيان العربي بمجملة لا يشكل قوة يعتد بها فما بالنا ونحن اقطار هزيلة مفككة ومتنافرة ولا يوجد بينها اقل ما يمكن من قنوات التنسيق, وبالذات في مسألة السلام مع إسرائيل - أقول مسألة السلام طالما وان العرب توافقوا على شطب مفهوم الصراع مع إسرائيل باعتباره كيان مغتصب للأرض العربية .القضية الفلسطينية وهي أهم وأخطر التحديات التي تواجه العرب وهي المعيار الحقيقي للإرادة العربية . فلسطين أرضا وشعبا أول الضحايا للسياسة القطرية, ثم توالى الضحايا العرب الواحد تلو الآخر, العراق لبنان الصومال السودان .. والحبل على الجرار. بخصوص القضية الفلسطينية لم يكتف العرب أن يتركوا الفلسطينيين لوحدهم في مواجهة خصم لدود وقوي ومدعوم من المجتمع الدولي, بل اسهموا بهذا القدر أو ذاك في تفتيت وحدة هذا الشعب المنكوب على منهاج القطرية الذي ساروا علية ومن غير المستبعد ان نرى على الخارطة دولتيين فلسطينيتين واحدة في الضفة وأخرى في غزة.أن قضية القومية العربية وكل القضايا المتعلقة بها وفي مقدمتها قضية فلسطين لن تحل في مؤتمر قمة عربية مادام الحال على ما هو عليه . أننا نرى قمة الجبل ونريد ان نغفو في سفحه ونصحو على قمته, ولا نريد ان نتسلقه خطوة بخطوة . اننا كعرب لم نتفق على المفاهيم حتى نتفق على الإجراءات ناهيكم عن الخطوات . ان مجرد الاستماع ومشاهدة نشرة الأخبار على قناتين عربتين يبين حجم الهوة في الرؤى والمفاهيم والهوة تتسع كلما اتجهنا صعودا الى قمة الهرم السياسي . خذ مثلا " خيار السلام " و " خيار المقاومة " لم نتفق كعرب على أي الخيارين انسب في صراعنا مع إسرائيل, ولا يوجد اتفاق حتى على مفهوم الصراع مع إسرائيل. والاختلاف العربي عكس نفسه على الفلسطينيين فنرى ان تيار السلطة مع خيار السلام وتعتبر خيار المقاومة خيار عبثي بينما حركة حماس تتبنى خيار المقاومة . وأذا سلمنا بخيار السلام فهل هناك طرف أخر يرغب في السلام حتى تكتمل معادلة السلام؟مثال آخر يرى بعض العرب ان إيران أكثر خطرا من اسرائيل وغيرهم يرون غير ذلك بل انهم طوروا علاقتهم بإيران الى مستوى الحليف الاستراتيجي....الزعماء العرب ليسوا اكثر من لاعبي بوكر في سلوكهم تجاه بعضهم البعض. والقمم التي يعقدونها صارت ملهاه محزنة. ملهاة عند الأمم الأخرى لمستوى الفكر والقرار السياسي العربي, والذي وصل الى الدرك الاسفل من الانحطاط والضحالة. وهذا ما جعل معظم النخب من المثقفين و المفكرين العرب يشعرون بالحزن.. واكثر من الحزن والمثل يقول "شر البلية ما يضحك " بل ان اكثرهم تركوا اوطانهم ولجأوا الى أوطان أخرى .....وموضوع القمة العربية كبير وكبير جدا لكن ما دام يعتقد بعض المتفائلين ويأملوا ان تكون هذه القمة (قمة التصالح العربي مثلا). أقول ان تصالح القادة مع شعوبهم أولى, لان أي بناء عربي صحيح وسليم لن يكون الا بوحدات بناء صحيحة وسليمة, ووحدات البناء هي الدول العربية. واي مصالحة بين القادة العرب لن يكتب لها النجاح طالما والمعادلة مختلة وينقصها عامل رئيسي وهو مصالحة وطنية في كل دولة عربية قبل القفز الى قمة الجبل. وجانب آخر يخص الشعوب العربية. هناك 22 شعب عربي موزعين على 22 دولة عربية. الشعب العربي بعامته ليس لديه مشكلة في اي توجه عربي يخدم الامة العربية كأمة وليس كزعامات لها أجنداتها الخاصة, كما حصل في النماذج الوحدوية العربية. وعلى كل حال وتجاوزا لما أوردناه. هناك سؤال يفرض نفسه بالحاح وهو: هل أدوات هذه القمة ستتمخض عن انجاز تاريخي غير مسبوق وهي نفس ادوات القمم العربية السابقة ؟ سنرى غدا وان غدا لناظره قريب!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك