كامل محمد الاحمد
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول .. تذكرت هذا البيت الشعري المشهور لاحد ابرز شعراء المعلقات في الجاهلية وهو لبيد بن الاعوص.. وانا استمع لتصريحات ادلى بها معالي وزير النفط الدكتور حسين الشهرستاني قبل عدة ايام اعلن فيها ان العراق بات يحتل المرتبة الثالثة بعد المملكة العربية السعودية وفنزويلا في احتياطياته النفطية، وان تلك الاحتياطيات تبلغ (143) مليار برميل من اصل مجمل المخرون النفطي البالغ اكثر من 500 مليار برميل. هل يتوقع السيد الوزير او اي من كبار مسؤولي الدولة العراقية ان المواطن العراقي سيفرح ويمتليء قلبه بالسرور وهو يسمع ان بلده اصبح يمتلك المزيد من الثروات النفطية؟.اي مواطن هذا الذي يفرحه خبرا مثل خبر اعلان وزير النفط عن احتياطي العراق من النفط.. هل ذاك الذي مازال يسكن في بيوت الصفيح وسط ركام النفايات والمستنقعات الاسنة؟.. وهل ذاك الذي مازال يحلم بأن تتوفر له ابسط واقل مقومات ومتطلبات الحياة اليومية الطبيعية من كهرباء وماء.. وهل ذاك الذي مازال يحلم بوظيفة بسيطة جدا تعينه على مواجهة مصاعب الحياة ومااكثرها.. وهل ذاك الذي يتعرض لشتى صنوف الاذلال والمهانة قبل ان يحصل في كل ثلاثة او اربعة شهور على مبلغ مالي بسيط يطلق عليه راتب الرعاية الاجتماعية.. وهل ذاك الذي يحلم بوجود مدرسة تتوفر فيها لابنائه اجواء التعليم الحقيقية، وبمستوصف او مستشفى يلجأ اليه حينما يتعرض الى مشكلة صحية. لم تبلغ احلام العراقيين بعد بوجد ناطحات السحاب، والشوارع والاسواق المرتبة والنظيفة، والمدارس والجامعات والمستشفيات المناسبة، ولا السكن في بيوت تتوفر فيها الكهرباء والوقود ومايحتاجه المواطن العادي يوميا .اين عوائد النفط التي تبلغ في كل عام عشرات المليارات من الدولارات. ولماذا لم تنعكس على احوال ابناء الشعب العراقي حتى الان، وماجدوى ان تبلغ احتياطيات النفط مئات المليارات من البراميل والفقر والمرض والجوع والحرمان ينهش في اجساد العراقيين، ويرسم صورا مأساوية لواقعهم الحياتي ليكون قول الشاعر لبيد كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ مصداق حقيقي ومعبر عن احوال العراقيين وهم يتربعون على بحار النفط ، لكنهم كالذي لايملك شيئا ابدا. موارد النفط السنوية تبلغ سبعين او ثمانين مليار دولار، واحتياطيات النفط تبلغ مئات الميارات من البراميل ، واحتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي العراقي بحسب المصادر الرسمية يتجاوز اربعين مليار دولار ناهيك عن المبالغ المودعة في صندوق تنمية العراق، كل ذلك والصورة قاتمة ومأساوية وليس فيها شعاع من التفاؤل في الافق. من يذكر المليارات ويتحدث عنها عليه ان يهيء اجوبة وتوضيحات مقنعة عن التناقض الهائل بين تلك الارقام والواقع القائم على الارض.
https://telegram.me/buratha