المقالات

ماذا تعلمنا...بعد كل ما جرى؟؟؟


الدكتور يوسف السعيدي

ماذا تعلمنا...بعد كل ما جرى؟؟؟-----------------------------------بعد نصف قرن هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، وصار يطمع بنا كل من هب ودب... حدث كل ذلك ونحن (الشعب العريق) ونحن (اغنى البلدان)... هذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية وحب المناصبأما لهذا الليل من آخر؟نصف قرن من الزمان وزاد عليه عام، ومن حق المنصف للتاريخ او اي مواطن عاش المرحلة بتفاصيلها بآلامها ومرارتها ان يتساءل ما الذي جناه شعب العراق من تلك المنشورات، والشعارات، والتظاهرات والاضرابات والانقلابات؟...هل تطور مستوى معيشة الفرد؟هل وصلت الكهرباء الى كل قرية؟هل تعبدت الطرق بين الريف والمدينة او بين كثير من المدن؟.هل تم القضاء على الامراض المستوطنة والسارية والمعدية؟هل حصل المواطن على علاج افضل؟هل تطور مستوى التعليم نحو الارقى؟هل ارتفع الانتاج الزراعي؟هل دخلنا عصر التصنيع؟والاهم:هل حظي المواطن بحريته؟وهل تخلص من هراوة الشرطي؟وهل تمت المساواة بين الناس؟هل حددت سلطة الحاكم على الاقل سلطته في ازهاق روح من لا يعجبه من البشر؟نعم لقد تعلمنا.... ولكن ما الذي تعلمناه؟تعلمنا الطاعة العمياء لمن يحكم خوفا على انفسنا...تعلمنا الفرقة على اسس دينية، وطائفية، وعرقية...تعلمنا كيف نرشي وكيف نرتشي...تعلمنا كيف نسحب الجثث في الشوارع بالحبال، ونحتفل بالمشهد كأننا في عيد...تعلمنا ان نستهين بكرامة بعضنا...تعلمنا الانتهازية والنفاق...تعلمنا كيف نكيد لبعضنا تارة في التقارير، واخرى بوضع المسجلات، وثالثة بالكامرات الخفية...تعلمنا لغة السلاح ونسينا لغة المنطق...تعلمنا ان نتعايش مع الذباب والبعوض، والكلاب السائبة والقطط والفئران، والصراصر...ونسينا كيف كانت امهاتنا وهن ريفيات يغسلن الصحون في النهر حيث لا توجد صنابير، وكيف كن يرشن الماء وينظفن باحة الدار بمكنسة السعف...تعلمنا ان الدشداشة الوسخة المليئة بالبقع والنعل المخروم هي وسيلة مقابلة الناس والسير في الشوارع.تعلمنا ان يحقد الجار على جاره وقد كان اخاه...تعلمنا البغضاء واصبح طعم الحب غريبا على الالسن والنفوس...تعلمنا ان نصفق وان نهتف بكل ما في حناجرنا من قوة وتعلمنا كيف تصرخ الخناجر بما لا تخفيه الصدور...تعلمنا المزايدة على بعضنا...تعلمنا ان نرى الموت العبثي شجاعة واستشهاداً، وصرنا نعتبر الحياة جبنا وتخاذلاً...صرنا دعاة حروب وقتال فان لم نجد عدوا نحارب بعضنا...صرنا بدلاً ان نرسل اطفالنا للملاعب والمنتزهات نبعث بهم للمعسكرات حتى صار الان الموت، عندهم لعبة، وصار اليتم هو المصير.واخيراً تعلمنا الانتحار بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وتذهب الى الجنة على جثث الابرياء (يكفن بعضنا بعضا وتمشي اواخرنا على هام الاوالي)...تعلمنا ان نكيل التهم لبعضنا فكل من يخالفنا الرأي هو خائن وعميل، وكل من يتبعنا هو وطني غيور حتى يتم الاستغناء عن خدماته...تعلمنا ان نزايد في الوطنية وما قصدنا بالوطنية الا مصلحة الطائفة، والحزب، والجيب...حتى مثقفونا نسوا (تقدميتهم) و (معاصرتهم) واتهاماتهم للمتنبي وابي تمام بالتخلف وفقدان الشاعرية فانقسموا، اليوم، تبعا لانقسام الطوائف...صرنا نرتكب الجريمة ونلقي باللوم على الضحية، نمعن بتمزيق بعضنا وننحي باللائمة على الاجنبي...بعد نصف قرن هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، وصار يطمع بنا كل من هب ودب... حدث كل ذلك ونحن (الشعب العريق) ونحن (اغنى البلدان) ونحن نحن... وصدق من قال:ما كان اي ضلال جالباً ابداً هذا الشقاء الذي باسم الهدى جلباهذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية وحب المناصبانها لعبة الكلمات التي نرددها دون ان نعرف معناها والتزاماتها...وللنظر الان كيف تزهو الشعوب بحاضرها وكيف نحن نبكي على ماض تولى؟ماذا اعدت الشعوب لاجيالها وماذا اعددنا لابنائنا غير الخراب؟...دعونا نسأل انفسنا ولو مرة الى اين نحن ذاهبون؟اما لهذا الليل الذي صنعته ايدينا من آخر ؟ .يا شعب الحضارات....

الدكتوريوسف السعيديالعراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك