المقالات

في يوم القدس: التهويد والموقف المطلوب

804 14:33:00 2010-09-03

قاسم العجرش

"إذا حصلنا يوما على القدس وكنت لا أزال حيا ًوقادرا ًعلى القيام بأي شي فسوف أزيل كل شي ليس مقدسا لدى اليهود فيها، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون". مؤسس الحركة الصهيونية " تيودور هرتزل"لقد خص تعالى عز وجل المسجد الأقصى المبارك بمعجزة الإسراء والمعراج الباهرة، وجعله سبحانه قبلة الإسلام الأولى، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في قوله عز وجل «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير». ومنذ احتلال القدس عام 1967 والكيان الصهيوني الغاصب يقوم بتنفيذ أعمال وإجراءات تهويد متواصلة ليجعل من المدينة المقدسة عاصمة موحدة له في ظل حالة التشتت والضعف العربي والإسلامي، وفي حماية موقف دولي منحاز للدولة العبرية، رغم استهانتها بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الصادرة لصالح العرب في قضية القدس.ويمتلك العرب والمسلمون خيارات كثيرة ومتنوعة لدعم قضيتهم، وأولها أنهم أصحاب حق قانوني وتاريخي، يدعمه القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها وما عليهم إلا نفض غبار الخوف والتردد والضعف، والانتفاض من أجل حماية قدسهم الشريف. فمستقبل القدس وهي تحت الأحتلال الصهيوني مؤلم وخطير، وما تفعله إسرائيل حتى الآن إنما هو إرهاصات لذلك المخطط التآمري لتهويد المدينة المقدسة، والسيطرة عليها سيطرة كاملة بعد تهويدها، ولديها مخطط خبيث لاستقدام أكثر من مليون يهودي لتوطينهم فيها بحلول عام 2020، وهذا معناه أن المدينة المقدسة سيتم تفريغها من سكانها العرب الأصليين تماماً.إن هناك مخطط أسرائيلي خبيث وخطير، يرتكز على حجج وأساطير واهية لا تمت إلى الحق ولا إلى القانون الدولي بصلة، وقد شرع الصهاينة بهدم المباني العربية، بزعم أنها بنيت من دون تراخيص تارة، وتارة أخرى تهدم بحجة تنفيذ مشاريع جديدة، مثل بناء ما أطلقت عليه السلطات الإسرائيلية (مدينة الملك داود الأثرية)، وتحت ستار هذه الادعاءات قامت في الفترة ما بين عام 2000 و2007 بهدم 900 منزل، وتخطط لهدم وإخلاء أكثر من 1700 منزل خلال هذا العام. وإسرائيل تعمل ليل نهار لتنفيذ مخططاتها واستراتيجياتها تجاه القدس وسكانها لتضمن أغلبية يهودية مطلقة وأقلية عربية لا تتجاوز 12 في المئة من مجموع السكان عام 2020، وهي تخطط لنقل 30 ألف يهودي من منطقة الساحل إلى القدس لتصبح القدس للإسرائيليين وليست للعرب والمسلمين..لقد شرعت إسرائيل بتنفيذ مخططها الإجرامي للتخلص من السكان الفلسطينيين الذين يدافعون عن مقدساتهم ومقدسات العرب والمسلمين والمسيحيين بدمائهم وبكل ما يملكون أمام صمت عربي وإسلامي مريب. وقد وجدت الساحة خالية أمامها في غياب استراتيجية عربية وإسلامية واضحة ونتيجة لشعورها بضعف المسلمين والعرب، وتعمل على تفريغها من سكانها العرب. ومدينة القدس التي اعتبرتها إسرائيل عاصمة أبدية ودائمة لها وأيدتها في ذلك الولايات المتحدة بقرار الكونغرس الأميركي بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) 2002 تمر بأخطر مراحل قضيتها ولن يكون ما حدث مؤخرا من تطهير وتهجير للسكان وهدم المنازل، الأخير في سلسلة مخططات إسرائيل، ومن المتوقع المزيد من الهدم والتهجير وتوسيع المستوطنات القائمة وتشييد مستوطنات جديدة من أجل فرض واقع جديد تصعب إزالته.إن القدس اليوم مدينة تحت الاحتلال، فقد احتلت إسرائيل قسماً منها عام 1948، ثم التهمت القسم الآخر في حرب 1967، ثم قامت الدولة العبرية بضم القدس بصورة فعلية، واعتبرتها عاصمة لها، وهكذا أصبحت هذه المدينة المقدسة التي تتعلق بها أفئدة مئات الملايين، فريسة للاحتلال الإسرائيلي، وبقيت قضيتها حبيسة الأدراج في منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، ورغم صدور القرارات العديدة من المنظمة الدولية بشأنها، لكن لم ير واحد منها النور، هذا لأن المجتمع الدولي - وفي مقدمه الإدارة الأميركية - غير راغب في فرض قرارات مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، على رغم علم المجتمع الدولي الظالم، أن إسرائيل احتلت القدس مع الأراضي الفلسطينية، وأن لا سيادة لها على القدس في القانون الدولي، وأن كل ادعاءاتها بسيادتها عليها هي باطلة مطلقاً، والاحتلال بالقوة لا يترتب عليه نقل سيادة، ولا تزال السيادة على القدس حقاً خالصاً للشعب الفلسطيني صاحب الحق في أرضه وتراب وطنه.وإذا لم ينهض العرب والمسلمون فإن القدس سوف تضيع، ولن يمر وقت طويل حتى تصبح مدينة يهودية، وسوف ينهار المسجد الأقصى الذي تجري الحفريات وتشق الأنفاق تحته ومن حوله، وحينئذ لن ينفع الندم ولن يفيدنا لطم الخدود وشق الجيوب، وسيكتب عنا التاريخ أننا الجيل الذي أضاع القدس.إن أولى الخطوات على طريق استرجاع الحقوق، هواليقظة للمخاطر التي أشرنا الى بعضها، ومن ثم يتعين الشروع بجهد ممنهج لمقاومة ما يسمى بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب، كما يجب بذل الجهد لتوصيل الحقائق إلى المجتمع الدولي والهيئات العالمية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان، وإيضاح ما يحدث في الأراضي المحتلة من تمييز عنصري وطرد جماعي واعتداء على حقوق الإنسان، كما يتعين العمل بقوة على انهاء الحصار الغاشم الي تفرضه القوات الأسرائيلية على قطاع غزة، لما لذلك من آثار أنسانية سلبية خطيرة على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وعلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن تقوم بمسؤولياتها، وبذل الجهود ومخاطبة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي لشرح الحق العربي - الإسلامي العادل.وقبل الشروع بذلك كله لا بد من الوقوف عند مؤامرة التشرذم الداخلي التي تمر بها الفصائل الفلسطينية، فالخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية أضعفت جبهة الحق كثيرا، وحققت للكيان الصهيوني الغاصب نقاطا مهمة لالحه في الصراع، ويتعين على العرب والمسسلمين راب الصدع الداخلي الفلسطيني، وتقديم الدعم النزيه للفصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس، فبالرغم من المآخذ التي تكتنف سياسات حماس تجاه العديد من القضايا، إلا أنها تبقى حركة مجاهدة ترفع لواء الحق عاليا، وينبغي عدم أضعافها على الأقل، وفي هذا الصدد يشكل الجهد الذي تقدمه السياسة الأيرانية وما يوم القدس الذي خطه الأمام الراحل الخمين إلا مصداقا لهذه السياسة.فكانت نموذجا للسعي لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، فقد وقفت على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الفلسطينيين، وذلك سعيا لبلورة موقف موحد لنيل الحقوق وفي مقدمتها الحق الثابت في دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك