علي السلمان
وقد تكون لهذا الشعور بالافضلية مخاطر ومحاذير مثلما كانت له مؤشرات ايجابية اشرنا اليها سلفاً وهي محاذير جدية قد تقود اصحابها الى الغرور او العزة بالاثم او الاستعلاء والاستعداء والترفع عن الاخرين والنظر اليهم باحتقار شديد.من تلك المحاذير والمخاطر التي تراود اصحاب الشعور بالافضلية بشكل اجمالي:1- الطموح الذي يتحول الى جموح وقفز على معايير الافضلية ووضع الناس في خانة الجهل والفشل والدونية.2- الشعور بالافضلية اذا لم ترافقه مساع للتطوير وايجاد المقدمات الصحيحة الموصلة لمواقع الافضلية يتحول الى اسلوب خاطىء للتقاعس والتراجع والتردد والغرور والتعالي على الاخرين.3- هذا الشعور يؤدي باصحابه لو لم يلتزم بالضوابط الصحيحة الى مسالك المهالك واستصغار واحتقار الاخرين وغلق كل ابواب الافضلية للساعين الى تحقيقها.4- الشعور بالافضلية لابد ان يكون مساحة لمراجعة النفس والاعتقاد بوجود اخرين منافسين والا فانه سيؤدي الى التهميش والاقصاء وعدم فسح المجال للاخر الذي يسعى للحصول على مراتب عليا من التميز والافضلية.5- الشعور الخادع بالافضلية والاعتقاد الزائف بهذا الشعور قد يكون عقدة لرفض الاخر ومحاربته والغاء المنافس ومواجهة كل ظاهرة نمو او تطور واعتبارها الغاء لافضليته وانهاء لموقعيته.6- الشعور المفرط بالافضلية يقود الى ايجاد بذور وجذور الديكتاتورية والاستبداد وعقلية الاوحد الذي لا ينافس او يشاكس.7- المبالغة بهذا الشعور قد تكون له مضاعفات جانبية ومردودات عكسية تؤدي الى التحجر والانغلاق على الاخر وغلق كل محاولات المراجعة والتصحيح او الاعتراف بالاخطاء.8- الشعور المتزايد بالافضلية يكرس عقلية الصراع والنزاع لدى اصحاب هذا الشعور ويعزز ظاهرة الكراهية والعداء للاخرين ممن يمتلكون عناصر الافضلية وركائز التطور.9- الشعور بالافضلية سلاح ذو حدين وقد يكون احدى حديها مهلكة لاولئك الذي لا ينظرون الى الواقع الا من خلال نشوة الافضلية والتفضل.10- عادة من ما ينظر اولئك اصحاب الشعور بالافضلية من زاوية واحدة وغض النظر عن الزوايا الاخرى التي يراها الاخرون فقد يتصورون بان اخطاءهم وخطاياهم حسنات وحسنات غيرهم سيئات.وتأسيساً على ما سلف فان اكثر مرتكزات الاستبداد والديكاتورية نابعة من هذا الشعور فالمستبد لا يرى الا نفسه والاخرون موزعون ما بين موالي او معادي وسيادة ثقافة " من لم يكن معي فهو ضدي" فمن هذا الشعور ينشأ العجب والغرور والتعالي.قد تتضخم الذات وتتعمق عقدة الشعور بالافضلية في ظل الانظمة الاستبدادية وتبرز ظاهرة (الانا) لدى الحاكم المستبد ويتعمق شعوره اكثر وسط وجود المداحين والنفعيين الذي يعتاشون على المدح الكذوب والصانعين لعقدة الاستبداد.وقد تنتج هذه العقدة الخطيرة حشوداً من الخانعين المقموعين الذين يفقدون ارادة التغيير والمطالبة بالحقوق ويعيشون بمنتهى حالات تقزم الذات والهزيمة وموت الارادة والضمير.واما في ظل الانظمة الديمقراطية فان هذه الظاهرة تكاد تنعدم او تغيب لانها لم تجد الحاضنة الحقيقية لنشأتها واحتضانها ولهذا السبب نلحظ بوضوح ظاهرة الاستقالة او الاعتراف بالاخطاء لدى الحكام والزعماء في الانظمة الديمقراطية ونشاهد ظاهرة التبادل السلمي للسلطة وتقديم المرشحين واختيارهم وفق اليات منفتحة على الواقع وغير منغلقة على تسويق المرشحين والاختيار الصحيح.والانظمة الديمقراطية المبتدئة قد تعاني من هذه الظاهرة بسبب موروثات الماضي وعقدة السلوك القبلي المستحكم في نفوس الحكام وقد تحتاج الى سنوات من التضحيات والضريبة الباهظة وتراكمات الوعي.وتبقى الاشارة العابرة التي هي جديرة بالتذكير ان لا احد بامكانه الادعاء بانه الافضل في سياقات التغير الدائمة كما انه ليس بامكان احد ان يزعم بانه الاقدر على تشخيص الافضل ولعل وجود الافضل لا يعني بالضرورة غياب الفضلاء وان استلزم وجود المفضولين.
https://telegram.me/buratha
