عشية عيد الفطر في فلسطين المحتلة، أقرت الحكومة الصهيونية المصغرة بدء أعمال البناء بـ"طريق نسيج الحياة" المخصص للفلسطينيين حصراً فما هو هذا الطريق؟ وما تداعيات بنائه؟
ما هو هذا الطريق:
هو نفق تحت الأرض مخصص للفلسطينيين فقط يبدأ من جنوب العيزرية ويمتد حتى شمال بلدة الزعيّم، بحيث يقتصر مرور الفلسطينيين بين الأجزاء الجنوبية والشمالية للضفة الغربية على هذا النفق حصراً، ومنع مرورهم بالتالي من طريق بيت لحم-رام الله الحالي الذي يصل إلى الشارع رقم 1 عند مفترق مستوطنة "معاليه أدوميم".
وقد دعم إقرار هذا الطريق في المراحل الأولى نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي" الذي كان يشكل ائتلافاً لقوى الصهيونية الدينية إبان توليه وزارة الحرب في حكومة نتنياهو عام 2020، والمقترح أن يتم تمويله بالكامل من أموال المقاصة المصادرة من السلطة الفلسطينية علماً بأن كلفته هي 92 مليون دولار.
وسمي بطريق "نسيج الحياة" لأن الجيش الإسرائيلي يحاول تسويقه كطريق يعزز "نمط حياة الفلسطينيين" ويشكل "نسيج حياة" بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، بينما الهدف الفعلي من بنائه هو نقيض ذلك تماماً بعبر لسماح بالتواصل المباشر بين المستوطنات الإسرائيلية ورفع الحواجز الأمنية عن الطرقات التي تربطها وتخصيصها للإسرائيليين حصراً.
الآثار المترتبة على هذا الطريق:
1- حصر الحركة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها في نفق تحت الأرض مخصص للفلسطينيين فقط، لا يمس إغلاقه بحياة المستوطنين، ما يسمح للاحتلال بزيادة قدرته على منع التواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، بشكل قد يؤدي مع الزمن إلى جعل السفر نحو #الأردن أسهل فعلياً من محاولة الانتقال بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، ويترك شمال الضفة وجنوبها معلقان بخيط رفيع تحت الأرض.
2- استحداث هذا الطريق سينهي الحاجة إلى الحواجز العسكرية في الزعيّم والعيزرية، وسيحول الطريق رقم 1 عملياً إلى طريق مخصص للإسرائيليين فقط، ما يسهل الحركة عليه ويسمح لكتلة "أدوميم" الاستيطان بتواصل أكبر مع المركز التجاري غرب القدس، وهذا سيكون له انعكاس كبير على عدد سكانها المتوقف عند رقم الـ40 ألفاً رغم حجمها الضخم الذي يقارب 70 كيلومتر مربع، ورغم مرور 50 عاماً على تأسيسها.
3- استحداث هذا الطريق سيقطع التواصل خلال مرحلة البناء بين التجمعات البدوية الـ25 في برية القدس والبلدات الفلسطينية التي يعتمد عليها أهل المنطقة في التواصل والخدمات، وهو ما يعني عزل التجمعات البدوية تماماً عن بلدات العيزرية وأبو ديس وحزما، ما سيسهل على الاحتلال إخلاء الخان الأحمر وجبل البابا ووادي جمل وغيرها من التجمعات البدوية في برية القدس.
4- استحداث الطريق سيمهد بالتالي لضم كتلة أدوميم الاستيطانية إلى #القدس بعد منع وصول الفلسطينيين إليها وتفريغ التجمعات البدوية في محيطها.
5- هذا الطريق سيقضم مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وبناؤه يتطلب هدم منشآت في بلدات العيزرية المصنفة "مناطق ب" وفق اتفاق أوسلو، والمفترض وفق الاتفاق أن يكون تنظيم البناء والسكن فيها من صلاحيات السلطة الفلسطينية.
وبحسب اتفاق أوسلو ومن بعده اتفاقية وأي ريفر فإن الضفة الغربية يفترض أن تقسم إلى ثلاث مناطق: الأولى (أ) وتشكل 18% منها وتكون الصلاحيات الأمنية والإدارية للسلطة. والثانية (ب) وتشكل 21% من الضفة وتكون الصلاحيات الإدارية فيها للسلطة والأمنية مشتركة، والثالثة (ج) وهي خارج صلاحيات السلطة الفلسطينية تماماً وتشكل 61% من الضفة.
وللتمهيد لتأسيس هذا الطريق ولضم كتلة "أدوميم" الاستيطانية فقد سبق للحكومة الصهيونية في شهر 6-2024 أن سحبت صلاحيات البناء والتنظيم في برية القدس من السلطة، لتزيل بذلك صلاحيتها عما يقارب 3% من مساحة المناطق (ب) من الضفة وتنقلها لجيش الاحتلال عبر "الإدارة المدنية"، أي أن صلاحيات السلطة بشقيها (أ) و(ب) باتت تمتد على 2,110 كيلومتر مربع أي ما يشكل 7.8% من مساحة فلسطين الأصلية، مقطعة الأوصال بنحو 700 حاجز.
خطوة تبني على سابقتها:
ينقسم طريق "نسيج الحياة" فعلياً إلى شقين: الأول شمالي وقد أنجز بالفعل ما بين عامي 2017-2020، والحالي الجنوبي الذي أحيل للتنفيذ الآن، والشق الشمالي يصل ما بين بلدتي الزعيّم وعناتا شمالاً، ويتكون من طريقين متوازيين يفصل بينهما الجدار، الأول للفلسطينيين ويسمح بالمرور من الزعيّم إلى عناتا ثم مواصلة الطريق شمالاً نحو رام الله، والثاني للإسرائيليين ويوفر مدخلاً شمالياً إلى القدس يربطها بكتلة "أدوميم" الاستيطانية.
إذا ما اكتمل العمل بهذا الجزء المكون من نفق تحت الأرض فسيجري وصله بالمقطع الشمالي الملاصق للجدار، بحيث يصبح الطريق الوحيد المخصص للفلسطينيين بين شمال الضفة وجنوبها، بينما تصبح طرقات المستوطنين التي تربطهم بالقدس خالية من الحواجز.
https://telegram.me/buratha
