نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرا أعده توم كنغتون استعرض فيه كتابا عن الفاتيكان، يقول فيه إنه لتضمن مكانا لنفسك لتكون قديسا فعليك دفع مبلغ قدره 75 ألف يورو إلى قسم في الفاتيكان يرفض أن ينشر حساباته.
ويشير التقرير إلى أن هذا واحد من الأمور التي كشفها الكتاب الذي سينشر غدا، واسم الكتاب “ميرتشانتس إن ذي تمبل”، ومعناه (تجار في المعبد)، ويكشف الغطاء عن الفساد المالي الذي يعاني منه الفاتيكان.
وتبين الصحيفة أن الكتاب يتضمن قصص ازدواجية المعاملات التي يقوم بها القساوسة، وسوء استخدام التبرعات، حيث تختفي بضائع بملايين اليوروهات من دكاكين الفاتيكان، كما يتحدث عن دخول غامض لمكاتب وسرقة وثائق.
ويلفت كنغتون إلى أن الكتاب، الذي هو من تأليف الصحافي الإيطالي جيانلويجي نوزي، أغضب مسؤولي الفاتيكان، وأدى إلى اعتقال شرطة الفاتيكان لقسيس إسباني ومسؤولة علاقات عامة إيطالية سابقة؛ للشك بأنهما من سربا معلومات لنوزي، ويواجهان حكما بالسجن لثماني سنوات.
ويذكر التقرير أن نوزي يدعي أن الملايين تنفق في تحويل الكاثوليك إلى قديسين، ويقول إن هذه الممارسة طورها البابا الأسبق جون بول الثاني، الذي منح اللقب لـ482 شخصا، كاسرا الرقم القياسي، وجعل الناس يطلقون اسم “مصنع القديسين” على القسم المتخصص بتسمية القديسين في الفاتيكان.
وتكشف الصحيفة عن أنه ينبغي على الكنائس أو الناشطين الذين يقدمون اسما للقديسية أن يدفعوا رسوما قيمتها 50 ألف يورو لتقديم الطلب، و15 ألف يورو تكاليف إدارية، وترتفع هذه الرسوم إلى ما معدله 500 ألف يورو للدفع للـ(بوستيوليترز) أو من يقومون بمتابعة الطلب في الأقسام والمراحل المختلفة.
ويكتب نوزي في الكتاب: “علينا أيضا أن نأخذ في الحسبان كل الهدايا لشكر الأساقفة الذين يحضرون الاحتفالات، التي تقام في مراحل مهمة من العملية، ويطلب منهم الحديث عن بعض الأفعال أو المعجزات التي جرت على يدي المرشح للقديسية”.
ويقول الكاتب إنه قبل القديسية تكون مرحلة التطويب، ويذكر الكتاب أن تطويب أنتونيو روسموني، وهو قسيس إيطالي وفيلسوف من القرن التاسع عشر، كلف مرشحيه للقديسية عام 2007 مبلغ 750 ألف يورو.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، بأن لجنة أنشأها البابا الحالي للتحقيق في شؤون الفاتيكان المالية، قامت بالسؤال عن تلك التكاليف عام 2013. فأجاب مسؤولو القسم (قسم القديسية) بأنهم لا يحتفظون بسجلات كيف ينفق متابعو الطلبات الأموال التي في عهدتهم، بالرغم من قوانين تنص على المتابعة، واكتشفت اللجنة أن التبرعات للفقراء من صندوق القديسية ناقصة.
وتوضح الصحيفة أن اللجنة قامت بتجميد حساب فيه 40 مليون يورو مرتبط بمتابعي الطلبات، بما في ذلك حسابات فيها مليون يورو، يستخدمها صغار الموظفين في القسم. وبعد ذلك بأشهر قال القسم إنه سينشر تفاصيل تكلفة عملية إعلان القداسة، وربما كان ذلك بسبب تحقيق اللجنة.
ويبين كنغتون أنه بعد سنتين فإن البابا يستمر في حملته لأجل الشفافية، ولكن شخصين من اللجنة يواجهان المحاكمة بسبب تسريب أسرار عن الفاتيكان اكتشفوها خلال التحقيق؛ الأب لوتشيو إينجل فاليخوبالدا (54 عاما)، وهو قسيس إسباني بقي في السجن في الفاتيكان، بينما أطلق سراح فرنسيسكا تشاوكوي (33 عاما)، مستشارة علاقات عامة إيطالية، بعد اعتقالها خلال نهاية الأسبوع.
وتورد الصحيفة أن الأب فاليخوبالدا كان أغضب البابا بترتيب حفلة بمناسبة إعلان قداسة جون بول الثاني وجون الثالث والعشرين العام الماضي.
وينوه الكاتب إلى أن التسريبات تعد أسوأ فضيحة تصيب الفاتيكان منذ عام 2012، عندما تم سجن خادم البابا لمدة 18 شهرا بتهمة اطلاعه على مراسلات البابا الخاصة، التي كانت تناقش تهما بالفساد المالي الموجود في الفاتيكان، وتم العفو عنه لاحقا.
ويذكر التقرير أن نوزي نشر ما سمي رسائل “فاتيليكس”، ويقول في كتابه إن اللجنة اكتشفت أن دكاكين الفاتيكان تحتوي على مواد بـقيمة 1.6 مليون يورو، ولكن الدكاكين خالية، فإما أن تكون هذه المواد سرقت، وإما أن تكون من اختراع محاسبين فاسدين.
وبحسب الصحيفة، فبينما تعمقت اللجنة في التحقيق تم دخول مكتبها في شهر آذار/ مارس العام الماضي، وكسرت خزانة تحتوي على وثائق رئيسة، ما أرسل بتحذير للجنة، بحسب ما يصف نوزي.
وتختم “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن الكتاب يصف ما سماه الطمع اليومي في الفاتيكان، ويكشف كيف قام المسؤول الكبير في دولة الفاتيكان، الأب غيوسيبي شياكا، وكان حريصا على أن تكون لديه شقة واسعة، بكسر جدار شقة جاره القسيس الذي كان في المستشفى، وضم غرفة منها بأثاثها إلى شقته. وعندما عاد القس إلى شقته وجد ممتلكاته في صندوق، ومات بعد ذلك بفترة قصيرة.