كشف مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية مناهج داعش الدراسية المقررة على طلاب المدارس والجامعات في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة في العراق وسوريا للعام القادم .
وقال المرصد في تقرير له نشر مؤخرا إن داعش في محاولته للسيطرة على الإنسان والبنيان قد انتهى من وضع المناهج التعليمية الخاصة به، والمقرر دراستها العام القادم لمراحل التعليم المختلفة بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، وذلك بعد إعلانه أن العام الحالي هو نهاية العمل بالمناهج القديمة.
ورصد التقرير مجموعة من الأسماء التي يطلقها داعش على المسميات التعليمية، مثل ديوان التعليم بدلاً من وزارة التربية والتعليم، والإعداد الجهادي البدني بدلاً من التربية الرياضية أو البدنية، والتربية الجهادية، والسياسة الشرعية، والصف الأول الشرعي بدلاً من الصف الأول الابتدائي، وهي مسميات يحاول أن يرسخها في جيل جديد، تم إعداده فكريًّا وبدنيًّا على القتل الممنهج، وحذف مناهج العلوم والرياضيات وغيرها “لمخالفتها الشريعة الإسلامية”، مما يعكس قصورا كبيرا في العقلية الإرهابية التي لم تتوقف لحظة لتفكر أنه لولا تلك العلوم ما حمل بندقيته التي يزهق بها أرواح الأبرياء، وتحقق له سيطرته على آبار النفط التي تدر عليه الأموال.
وأكد المرصد أن المناهج الدراسية الجديدة المزمع دراستها العام القادم لا تحمل بداخلها أية رؤية للبناء أو الفكر أو التنمية أو التعامل مع ما استجد من قضايا في شتى فروع العلم أو التعامل مع الآخرين، إنما هي مجموعة أحاديث ومواد شرعية منتقاة من التراث الإسلامي منزوعة من سياقها الصحيح، تعزز مفهوم الجهاد بالصورة الداعشية، وتؤسس لفكرة الفرقة الناجية التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وآله سلم على أنها داعش، بحيث يكشف عن ماذا تريد داعش، هي لا تريد علماء ولا مبدعين، إنما تريد مقاتلين جددا ينضمون إلى صفوفها.
وأضاف التقرير الذي نقله موقع العربية أن داعش أدرك أهمية الصورة والإخراج الفني والتقني العالي في توصيل الأفكار لمنتسبيه وغيرهم، لذا استعان بمجموعة من الخبراء والمتخصصين في الإخراج الفني للكتب لتظهر جميعها بأغلفة تحمل صورا لمقاتلين مذيلة بأحاديث عن الجهاد وتحمل أسماء جهادية، تكشف في حقيقة الأمر على أن الغاية ليست إنشاء جيل من العلماء والمفكرين إنما إنشاء جيل مقاتل يدمن على ثقافة التفجير لا التفكير.
وقال إن داعش لم يكتفِ بالمادة العلمية المحشوة باحترافية بمجموعة من الأحاديث والآيات المنزوعة من سياقها، والتي بدلاً من أن تخرج لنا عالما ومفكرا تصدمنا بمقاتل ومفسد، فأراد أن يوصل الفكرة بالصورة المبهرة.
وأكد المرصد أن تعديل المناهج الدراسية جاء وفق خطة وضعها داعش لاستكمال كافة الجهود لإقامة الخلافة الإسلامية في المناطق السنية في العراق والشام، مبينا أن داعش لا يكتفي بالسيطرة على المواقع الجغرافية فحسب، بل يريد السيطرة على عقول قاطنيها أيضا، وتغيير بوصلتها لصالحه؛ لتحقيق حلم الخلافة المزعوم، ولتكثير سواده من الشعب.
وأوضح أن ما تم رصده من تلك المواد الدراسية يؤكد أن داعش استعان بمجموعة كبيرة من الخبراء والمتخصصين من مناطق سيطرته، بالإضافة إلى خبراء عرب وأوربيين من خارج تلك المناطق.
وأشار التقرير إلى نقطة خطيرة وهي حرص داعش على تدريس ما يسمى بـ”التربية الجهادية” في المرحلة الابتدائية تحديدا، وهي مرحلة خطرة في تشكيل وعي الأطفال، والذي يحرص على تنشئتهم تنشئة متطرفة يصعب معها في المستقبل أن تقبل بأي فكر مغاير لها.
وفي نهاية التقرير طالب المرصد بعدم الاكتفاء بانتقاد أفعال داعش من الخارج، بل لا بد من دراسة تلك المناهج من الداخل بصورة كبيرة ودقيقة للوقوف بدقة على تفكير هذه الجماعة، وتلاشي تلك النماذج في المراحل التعليمية، وإنشاء أجيال موازية لتلك التي قد تم تنشئتها على القتل والعنف والإرهاب.